كنت ضمن الأغلبية، التي تحاول إرضاء الجميع، ولأنها غاية لا تدرك، فقد فشلنا في إدراكها، احتجنا سنوات طويلة لنفهم أن عملية إرضاء الجميع هي حرق للجهد، وضياع للوقت، وتعب للنفس، وضياع للمال. أشهر الرسامين في العالم هناك من يراهم غير جديرين بمكانتهم، الفنانين كذلك، أتذكر أني دخلت في نقاش عقيم مع شخص كان يرى صوت محمد عبده عاديًا، في آخر النقاش المتعب تذكرت مقولة رضا الناس غاية لا تدرك، فمحمد عبده، وهو فنان العرب، هناك من يراه عاديًا. حتى عبد الحليم حافظ.. قال لي أحد الزملاء يومًا أنه لا يراه إلا مؤديًا عاديًا، وأنه «الزميل» يملك صوتًا أفضل منه، لأن صوت عبد الحليم ضعيف، بحسب قوله، كان الزميل من القلّة، التي تثبت الحقيقية الأبدية أن رضا كل الناس غاية لن تدرك. كنت في الإذاعة، وما زلت أتلقى الكثير من رسائل التقدير والاحترام، لكني أجد من بين هذه الرسائل من يقول إن برنامجي بلا قيمة، وإنه مضيعة للوقت، في الإذاعة إذا قدمت برنامجًا فنيًا، وحقق نجاحًا، فسيأتي من يقول أين البرامج الجادة، التي تفيد المجتمع، وإذا قدمت برنامجًا جادًا، يفيد المجتمع، وحقق نجاحًا، فسيأتي من يقول أين البرامج الترفيهية.. ألا تكفي جدية الحياة؟ في البدايات كنت أتأثر مع كل رسالة غاضبة أو منتقدة، فهمت لاحقًا أن أي برنامج في العالم لا يصلح للجميع بمعنى الجميع، لأن هناك من لن يعجبهم البرنامج لاختلاف الأذواق والاهتمامات، الآن عندما تصلني رسالة من مستمع لا يعجبه البرنامج أفهم أن البرنامج لا يصلح له، وعليه البحث عن برنامج آخر يثير اهتمامه. فهمت أن البرنامج الناجح هو البرنامج الذي يحضى برضى الأغلبية وليس الجميع. حتى في الرياضة هناك من يرى لاعبًا مميزًا عند الغالبية بأنه لاعب جيد لا أكثر، أنا قلت ذلك يومًا ما عن كريستيانو رونالدو، واحتجت إلى وقت طويل لأعرف أني أفضّل اللاعب الذي يصنع اللعب بالإضافة للتسجيل، وفهمت متأخرًا أن كريستيانو أسطورة في مركزة، وأنني كنت من الأقلية التي لن ترضى، لأن رضى الجميع غاية لا تدرك. مع الوقت تضعف رغبة الإنسان في إرضاء الناس، يصبح اهتمامه في الحصول على الهدوء بعيدًا عن الضجيج، وأن يحافظ على سكينة نفسه، حتى آراء الناس عنه لن تأثر عليه كما كانت، وقد لا تأثر نهائيًا. أنا بدأت أدخل هذه المرحلة، لا أعرف ما هو اسمها، ربما يصلح لها اسم مرحلة الشايب!