أحمد الحامد⁩
جورجيو أرماني.. سحر الأناقة الهادئة
2025-09-11
العالم ودع مصمم الأزياء الشهير جورجيو أرماني، الفنان الذي ولد العام 1934 في أسرة بعيدة عن عالم الملابس، ترك دراسة الطب ليلتحق بالجيش، ثم انجذب لعالم الموضة ليغيره للأبد. بدأ أرماني كـ «عارض نوافذ» في ميلانو، وعارض النوافذ هو الشخص الذي يقوم بتصميم وترتيب واجهات العرض الزجاجية في المتاجر الكبيرة لتظهر الملابس أو المنتجات بأفضل صورة. كان يختار الملابس والاكسسوارات وينسقها على الدمى، ويضيف لها بعض الديكورات والإضاءة، وكان أكثر المارة يتوقفون لمشاهدة تنسيقه الجذاب، كان هذا العمل وما زال يعتبر الأهم لجذب الزبائن وإدخالهم للمحل. اعتمد أرماني في وظيفته هذه على لفت الانتباه بالبساطة الأنيقة، البساطة التي بقيت معه طوال حياته المهنية وفتحت له أبواب النجاح، فالفن يرفض المبالغات، ويرحب بسحر البساطة. عمله كعارض نوافذ أفاده كثيرًا في فهم الألوان والانسجام بينها، وكان هذا هو الدرس الأول والمهم الذي تعلمه وأفاده فائدة كبرى. في عام 1975 أسس وشريكه سيرجيو جالياوثي شركة خاصة حملت اسم جورجيو أرماني، اهتم سيرجيو بالجانب التجاري، واهتم أرماني بالتصاميم، وبسرعة لفتت تصاميمه للبدلات الرجالية الأنظار، لأنه ابتكر أسلوب الخياطة الناعمة «soft tailoring» وهي مزيج البساطة والأناقة دون مبالغات. لكن نجاحه حينها لم يكن واسعًا على المستوى العالمي، حتى جاء موعد شهرته الحقيقي في العام 1980 عندما ظهرت ملابسه في الفيلم الشهير «american Gigolo». نقل الفيلم اسم أرماني إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبقية أوروبا، ثم توالت الأفلام التي يرتدي أبطالها ملابس أرماني، لتعمل تلك الأفلام كماكينة دعائية له، أعطته الأفلام الهوليوودية شهرة لا تمنحها هوليوود إلا لكبار النجوم. لكنه اكتشفت دون قصد أنه لم يكن مصمم أزياء فقط، فبعد وفاة شريكه سيرجيو مبكرًا، حمل مسؤولية الإدارة ونجح نجاحًا واضحًا، بل أنه كان أكثر تحركًا وخفة إداريًا، لأنه كان صاحب القرار الوحيد، وليتحول إلى شخص أكثر جدية وحزمًا، هذا ما تفعله الإدارة. وسع أعماله مع السنوات ليدخل عالم الاكسسوارات والأثاث، ثم المطاعم والفنادق كما هو معروف. ما أعجبني في أرماني أنه اعتمد على تقديم أفضل جودة لزبائنه، مع الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، واعتماد الأناقة الهادئة، والألوان المحايدة، بذلك منحه العالم لقب «ملك الأناقة الهادئة». عندما قرأت شيئًا من سيرة جورجيو أرماني المهنية، وجدت أنه فهم لعبة الإعلام مبكرًا، فقدم ملابسه لأشهر الممثلين السينمائيين، بذلك حرق الكثير من مراحل الانتظار للوصول للعالمية. ترى كم من المصممين يملكون مثل موهبة أرماني، لكنهم لا يملكون رؤية الوصول.