رودريجيز.. ترك المدرسة واحتفل بكأس العالم مع سواريز

منذ صغره، ضاق الأوروجوياني لوتشيانو رودريجيز ذرعًا بالتعليم، فلم يكن يرى في الصفوف الدراسية سوى قيْد يغلّ حركته التي لا يستوعبها إلا المستطيل الأخضر. ومع وصوله إلى المرحلة الثانوية نفد صبره وانتهى صموده وقرَّر ترك المدرسة.. مرّ على ذلك أكثر من 6 أعوام، بينما هو الآن يتطلع إلى بدء مشواره برفقة فريق نيوم الأول لكرة القدم الذي تعاقد معه من باهيا البرازيلي، عبر نافذة الانتقالات الصيفية.
لولا كرة القدم لكان رودريجيز تائهًا في دروب الحياة، بلا مستقبل ولا هدف، هو نفسه اعترف بذلك حين سئل عن مصيره لو لم يكن لاعبًا، ليرد قائلًا: «لم أرَ مستقبلًا لنفسي. تركت المدرسة الثانوية في سن مبكرة. لا تفعل ذلك لأن الدراسة مهمّة. حتى في النادي، طالبوني بمواصلة دراستي، لكنني كنت متمردًا في صغري ولم أعد للمدرسة».
آثر الأوروجوياني كرة القدم على التعليم، هناك، على العشب الأخضر كان يشعر بالقيمة والشغف، وبالقدرة على التأثير، لذا قرر نذر حياته للعبة، وقال لنفسه، وفق مقابلة إعلامية سابقة: «يجب أن أُكرّس نفسي لهذا مهما كلف الأمر، لأنه ليس لدي خيار آخر، فأنا لم أتلقَّ أي تعليم».
مُبكرًا، انخرط في اللعبة، وبرفقته توأمه إيميليانو، الذي يلعب مهاجمًا مثله، وانطلقا سويًا من نادي كوزموس كورينتو في مونتفيديو، العاصمة الأوروجويانية.
وعندما كان في الـ 16 من عمره، تعرَّض لإصابة على مستوى الظهر كادت توقفه عن ممارسة كرة القدم نهائيًا، لكنه استطاع العودة بعد عام كامل من العلاج والتأهيل.
وبصحبة شقيقه، انتقل من كوزموس كورينتو إلى بيلا فيستا في مونتفيديو أيضًا، مواصلين الحفاظ على شراكتهما التي انكسرت عام 2021، حين انضم لوتشيانو إلى بروجريسو، وإيميليانو إلى بوسطن ريفر.
وبعكس ما كان يفعله أيام الدراسة، أدرك اللاعب أهمية الانضباط في مسيرته الرياضية، ومن أجل ذلك ألزم نفسه بنظام غذائي صارم يقول عنه: «أهتم بنظامي الغذائي جيدًا. هناك إغراءات يصعب تجنبها، لكنني أحاول أن أكون محترفًا للغاية في التعامل معها. ما أتناوله مرتين أو ثلاث أسبوعيًا هو سمك السلمون، مع نودلز القمح الكامل، والسلطة».
أيضًا قرَّر تعلم اللغة الإنجليزية، وهو الذي يكره الدروس والاستذكار، وذلك تحسبًا لتلقي عرض احتراف في أوروبا، ووصف تعلُّمها بـ «الأمر الصعب، لكنك تعتاد عليه لاحقًا».
في نهاية 2022 وقّع لوتشيانو لنادي ليفربول مونتيفديو الأوروجوياني، وبعد عام ونصف العام انتقل منه إلى باهيا البرازيلي ليذوق أول تجربة احتراف خارج بلاده.
وأتاحت له هذه التجربة السير على خطى مواطنه وقدوته لويس سواريز، الذي قضى عام 2023 في البرازيل بقميص فريق جريميو، قبل انتقاله مطلع 2024 إلى إنتر ميامي الأمريكي.
ويتخذ رودريجيز من سواريز مثلًا أعلى، فهو كما يقول لاعب نيوم الجديد: «أكثر من يمثلنا بفضل صموده وتاريخه، وما قدَّمه لبلدنا والفرحة التي منحنا إياها».
لم يقابله على أرض الملعب، سواء في أوروجواي التي عاد إليها سواريز عبر تجربة قصيرة خلال النصف الثاني من 2022 بعد رحيله عن أتلتيكو مدريد الإسباني، أو في البرازيل بسبب خروج «البيستوليرو» منها قبل وصول رودريجيز، ولكن خلال احتفال الأخير بتحقيق كأس العالم للمنتخبات تحت 20 عامًا في صيف 2023 التقاه، وكانت ذكرى لا ينساها.
وعن ذلك اللقاء يقول المهاجم البالغ من العمر 22 عامًا: «التقيت به عندما صعد إلى الحافلة للاحتفال معنا بكأس العالم تحت 20 عامًا. كنا نمر بشارع رامبلا وصعد. إنه يتمتع بتواضع هائل. كنت أتمنى لو أتحدث إليه».
لاعب آخر مهم في مسيرته هو الخبير دييجو جواستافينو، الذي زامله داخل نادي بروجريسو موسم 2021ـ2022، وكان له تأثير جلي على طريقته في التسديد.
ويشرح الأوروجوياني ذلك التأثير بالقول: «تعلمت الكثير من دييجو في بروجريسو.. كنا نبقى بعد التمرين للتدرب على الرميات الحرة، وبسبب ذلك بدأت أتقنها».
وارتبط عام 2023 بذكريات رودريجيز الأجمل في كرة القدم، فخلاله قاد ليفربول مونتيفديو للقب الدوري الأول عبر تاريخه، كما حقق فيه برفقة منتخب بلاده تحت 20 عامًا بطولة كأس العالم، وكان هو صاحب هدف الفوز القاتل بالدقيقة 86 على إيطاليا في المباراة النهائية.
أيضًا خلال شهر يونيو من العام ذاته، دخل قائمة منتخب بلاده الأول، عندما واجه كوبا في مباراة تجريبية ظلَّ احتياطيًا طوال أحداثها، فيما ظهر لاحقًا بقميص «السيليستي» 3 مرات آخرها أمام بيرو أكتوبر الماضي ضمن تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم 2026.