«راسلمينيا» في السعودية.. أقل من الملاكمة وأكثر من روكي

الدمام ـ خالد الشايع @khalid_shayea@ 2025.09.16 | 12:24 am

عالم مصارعة المحترفين، قبل 31 مارس 1985، لم يعد كما بعده، بعد تلك الليلة التي عرفها جمهور المصارعة براسلمينيا «هوس المصارعة»، تغير كل شيء في اللعبة، لم تعد عروض ترفيهية بسيطة يؤديها محترفون مقابل حفنة من الدولارات، باتت لعبة يتم الدفع مقابل مشاهدتها، أكثر من مليون مشاهد حضرها عبر قنوات الكيبل، وأكثر من 19 ألفًا، ازدحموا في قاعة ماديسون سكوير الشهيرة، لمشاهدة الأسطورة هالك هوجان، ومستر تي وهما يواجهان رودي بيبر وبول أورندوف، كان كل شيء مرسومًا بدقة شديدة، بدءًا من اختيار المكان، وبناء القصص، وأسماء الرياضيين، لهذا كان النجاح هائلًا.
منذ ذلك اليوم، شهد عالم مصارعة المحترفين الكثير من التحولات في النقل التلفزيوني من عقد بـ80 ألف دولار، إلى عقد بأكثر من 700 مليون دولار، هوس المصارعة اشتعل، وما زالت شعلته متقدة.
القصة بدأت عندما استحوذ فينس مكماهون الابن، على الاتحاد الدولي لمصارعة المحترفين WWF مطلع الثمانينيات، مُبشّرًا بعهد جديد، وتوسّع على الصعيد الوطني، مُبتعدًا عن المناطق الإقليمية التي كانت تُهيمن على المصارعة في ذلك الوقت.
الخطورة الأكبر التي فعلها فينس، بيع حقوق المباريات على محطات قومية، خارقًا التعهد غير المكتوب بتوزيع المناطق بين منظمي المصارعة في الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر لن يكن سهلًا، ولكن الداهية كان يفكر بشكل ثوري.
في عام 1984، فكر مكماهون في نقلة واسعة للمصارعة، نقلها من عروض المناسبات، لعروض رسمية ثابتة، حولها من عروض أشبه بالسيرك لصناعة حقيقة.
من أجل أن يضمن نجاح فكرته، وقّع عقود احتكار مع كبار المصارعين، كانت فكرته تدور حول كيفية بناء قصص للمباريات، بدلًا من تنظيمها بشكل عشوائي.
1985 كانت البداية، الذروة الحقيقية كانت في ليلة الجراند سلام، وفيها تم الإعلان عن ولادة رياضة جديدة، رفعت مباراة هوجان الحاسمة مع أندريه العملاق في راسلمينيا 3 مستوى المصارعة، لمستوى آخر، جذبت يومها أكثر من 33 مليون مشاهد.
من هنا بدأت القصة، تحول كبير في عالم المصارعة، مبني على قصص وسيناريوهات بين المصارعين، جعلت الجماهير تحضر بكثافة لتتابع الحدث، ويتم الترويج لها عمدًا وكأنها خلافات حقيقية بين المصارعين.
الفكرة كما يقول بول مايكل ليفاسك «تربل إتش» إن المصارعة الحرة، فيلم عن الرياضة وليس الرياضة نفسها، أقل من الملاكمة وأكثر من روكي.
عندما يكون الحديث عن المشاعر، فهو عن سرد القصص، كل تلك الأشياء، التي لها صدى حقيقي مسموع، ما يحدث قبل وبعد، وليس من يفوز فقط.
نجاح الراسلمينيا جعل مكماهون السلطة الأكبر في المجال، استحوذ سريعًا على AWE وTTTEW، والأهم على WCW، ليحول مصارعة المحترفين لصناعة ضخمة، تنقل مبارياتها حول العالم.
سرعان ما أصبحت راسلمينيا تقليدًا سنويًا، في عام 2027 عندما يقام في السعودية، للمرة الأولى خارج القارة الأمريكية، سيكون في نسخته الـ43.
بالنسبة للعديد من المصارعين، فإن وجود «لحظة راسلمينيا» الأيقونية هي طريقة لضمان إرثهم، لهذا استمر المهرجان في جذب المشاهير والرياضيين من خارج عالم المصارعة المحترفة للمشاركة فيه. ويُعدّ الموسيقيون ضيوفًا دائمين.
على الرغم من أن الأيام الأولى من راسلمينيا كانت محددة جزئيًا بشعبية هالك هوجان، إلا أن مارك كالاواي، المعروف باسمه في الحلبة بالأندرتيكر بات هو علامة المينا الأشهر، بعد ظهوره للمرة الأولى في عام 1991، استمتع بسلسلة متواصلة من انتصارات راسلمينيا التي استمرت من ظهوره الأول حتى عام 2013 بإجمالي 21 فوزًا متتاليًا، ولم تنكسر السلسلة إلا في عام 2014، وبقرار منه على يد بروك ليسنر، بعد أن وجد أنه لم يعد قادرًا على الاستمرار في الحلبة، كانت شعبية كالاواي كبيرة لدرجة أنه حتى بعد كسر السلسلة، دفع جون سينا إلى ملاحظة أنه «ليست راسلمينيا بدون أندرتيكر» غير أن القصة استمرت بذات الوهج.
بسبب طول عمرها وشعبيتها، أصبحت راسلمينيا علامة تجارية أيقونية في عالم الرياضة والترفيه، قبل نحو 10 أعوام في عام 2017، قدرت فوربس أنها سادس أغلى علامة تجارية رياضية في العالم، بقيمة نحو 200 مليون دولار، اليوم هذا الرقم صار أكبر بكثير، تفوقت في المشاهدات على السوبر بول، المباراة الأشهر في العام.
نجاح رسلمينيا أفرز فعاليات جديدة، كلها بنظام الدفع مقابل المشاهدة مثل سمرسلام، وسيرفايفر سيريس، وكينج أوف ذا رينج، ورويال رامبل.



في العام الماضي، قدرت «WWE» أن راسلمينيا أحدث أثرًا اقتصاديًا بأكثر من 215 مليون دولار، في كل مدينة ينظم فيها الحدث، تشهد حضورًا ثوريًا ودفعة قوية للاقتصاد فيها، بحسب مايكل ليدز، أستاذ الاقتصاد في كلية الآداب بجامعة تيمبل، والذي يركز بحثه على التأثير الاقتصادي للأحداث الكبرى مثل راسلمينيا، الحدث الأخير حضره أكثر من 140 ألف متفرج على مدار الليلتين، وحطم الأرقام القياسية على وسائل التواصل الاجتماعي التي كانت تحملها سابقًا مباراة سوبر بول 56 في دوري كرة القدم الأمريكي، بأكثر من 618 مليون مشاهدة حول العالم، هذه الأرقام تجعل راسلمينيا حدثًا ثوريًا أكثر منه حدثًا رياضيًا.