أحمد الحامد⁩
كلام ويكند
2025-09-19
هناك أمور لا بد من الاستسلام لها، ولا تنفع المكابرة معها، خاصة إذا ما تلعق الأمر بالعمر. لاحظت منذ سنوات أني لم أعد أستطع قراءة الكلمات الصغيرة، تلك التي تكتب على الأدوية، أو الأرقام في بطاقات التعريف أو «البزنس كارت» كما يسميها البعض. لكني لم أعترف بضعف النظر، ورحت أبرره بضعف إضاءة المكان، أو صغر الكلمات والأرقام الشديد. ثم تطور الأمر وصرت أسأل أبنائي عن نتيجة المباراة المكتوبة على الشاشة، وصرت أعطيهم الورقة ليقرؤوا لي الكلمات «الصغيرة»، حتى جاءت اللحظة التي أوقفت فيها شخصًا ليردد لي أرقام الهاتف على إحدى البطاقات. حينها علمت أن الوقت قد حان للذهاب إلى محل النظارات. بعد أيام وفي أول لحظة ارتديت فيها النظارة، علمت مدى الضعف الذي كنت أعانيه، وكم حرمت نفسي من جودة النظر لسنوات لأني كنت أكابر، ولأني لا أريد الاعتراف بحكم الزمن. نعم لقد كبرت، لكني محظوظ أني أعيش في زمن توجد فيه محلات النظارات في كل مكان. في طفولتنا كنا نعاير الذي يلبس النظارات بالقول: أبو أربع عيون! الآن أنا بأربع عيون، لما لا طالما لن أطلب المساعدة من أحد ليقرأ لي.
قبل عامين جاءني أحد أقاربي من مدينة بعيدة، فقمت بواجبي تجاهه، كل يوم آخذه إلى مكان جميل ومطعم لذيذ لا يوجد له فرع في مدينته، ولأني كنت على نظام غذائي فقد امتنعت عن تناول الطعام بكثرة، لكنه كان يصر على عدم توقفي عن الأكل طالما أنه ما زال يأكل، طالبًا مني كسر نظامي الغذائي خلال فترة وجوده، على أن أعود إليه بعد مغادرته. ما حصل أني كسرت نظامي الغذائي لكني لم أعد، حتى عاد «الكرش» بالظهور وإن أخفى الثوب الكثير منه. مرت الأيام وأنا غير راضٍ عن نفسي، وقبل أسبوع قررت البدء بالنظام الغذائي من جديد، وبدأت فعلًا. المصادفة أن قريبي نفسه جاء لزيارتي هذه الأيام، لكني عندما استقبلته في المطار بادرته بالقول: أنا مسوي ريجيم.. والله ما أتراجع. إلى غاية الآن لم أتراجع، تبقى 3 أيام على مدة إقامته، ما زلت مقاومًا، وما زال يُسمعني كلماته التهكمية كلما توقفت عن الأكل سريعًا: راحت سلوم العرب!.