هناك ما لن يختفي في الحياة الهواء والماء والإشاعات، ولم يحدد لنا أي عالم اجتماع الأسباب الواضحة لانتشار الإشاعة على لسان المتعلمين وغير المتعلمين. في الماضي كان انتشار الإشاعة يمر عبر الألسنة، وهذا جعلها أبطأ، اليوم بإمكان صاحب أي حساب على السوشال ميديا أن يشعل فتيل أي إشاعة. لا تعود الإشاعات بأي نفع، بل محبطة، لأن انتشارها دليل على وجود الفوضى بشكل ما. تعمل بعض الجيوش أثناء الحرب لنشر بعض الإشاعات التي تصب في صالحها، الإنجليز هم من ألفوا مقولة «الجزر يقوي النظر» كان ذلك عندما ابتكروا الرادار وأرادوا إخفاء سر قوتهم في إسقاط الطائرات الألمانية. في الأغاني نجد الكثير من الأغنيات التي تتحدث عن إشاعة أضرت بالعلاقة العاطفية، أستطيع تذكر العديد منها وأنا أكتب الآن. بحثت عن أشهر الإشاعات منذ مئة عام واخترت بعضها لأنقلها لكم، بعضها عايشته، ومنها ما أثر فيني وكدت أصدقه، خصوصًا تلك التي تتحدث عن تواريخ نهاية العالم. بعد نهاية الحرب العالمية الثانية «1945» انتشرت إشاعة قوية عن هروب هتلر إلى الأرجنتين، وبقيت الإشاعة عدة عقود، لأنها كانت تُغذى من مقالات وكتب ونظريات المؤامرة. مثلث برمودا من أكبر الإشاعات في القرن الـ 20، سمعت منذ طفولتي أن هناك من يعيش تحت البحر الذي فيه مثلث برمودا، وهم المسؤولون عن حوادث غرق واختفاء السفن والطائرات، حتى أن برامج وثائقية صُنعت بدافع من هذه الإشاعة. في العام 1980 انتشرت إشاعة عن اقتراب كوكب من الأرض، وأنه في طريقه لتدميرها، أخافت تلك الإشاعة نسبة كبيرة من سكان العالم، وتحدثت عنها الصحف العالمية، في الولايات المتحدة قام بعض السكان بحفر خنادق عميقة في الأرض، تجنبًا لدمار الاصطدام. إحدى الإشاعات طالت مشروبًا غازيًا شهيرًا، قيل إن الشركة تضع موادًا تسبب العقم، أثرت تلك الإشاعة على نسبة المبيعات بشكل كبير ولسنوات. أتذكر أن مايكل جاكسون مات عدة مرات بسبب الإشاعات، ولا أعتقد أن أحدًا نافسه في عدد مرات موته الإشاعي إلا الفنانة صباح رحمها الله. في أوائل العام 2012 جلست مع أحد المهندسين، كان رجل أعمال ناجح، وكنت معجبًا بمسيرته المهنية التي تجاوز فيها الكثير من الصعوبات، لكنه فاجأني بالقول: لا أريد إثارة خوفك، ولكن وحسب ما قاله علماء المايا في تقويمهم، فإن نهاية العالم ستكون في آخر شهر من هذا العام، ستفيض البحار وتغرق الأرض، حتى إن هناك فيلمًا اسمه «2012» شرح تفاصيل النهاية. حينها كنت قد اشتريت سيارة جديدة، حزنت لأني تخيلتها وهي تغرق!.