العالم تحول في سنوات قليلة من واقع حقيقي إلى افتراضي، صار الذكاء الاصطناعي يصول ويجول في يومياتنا، تنامى بدرجة كبيرة، أصبح طبيبًا ومكتبة وصانع فيديوهات، حتى لم نعد نفرّق بين الفيديوهات الحقيقية وبين الموّلدة اصطناعيًا، تخيلوا أن أحدهم أرسل لي أغنية لفنان خليجي مشهور طالبًا رأيي فيها، وعندما قلت رأيي قال بأني لا أفهم في الأصوات. سألته: على أي شيء بنيت قناعتك، قال: لأن ما سمعته صوت مولد اصطناعيًا! مقطع مرئي آخر ظهر لي عدة مرات في السوشل ميديا، المقطع طريف وفيه خفة دم، أرسلته لأحد الأصدقاء ليشاركني الضحك، لكنه فاجأني بالقول إن المقطع من صناعة الذكاء الاصطناعي! لم يزعجني ذلك، ولم أشك في نظري، لست أنا من لا يستطيع التمييز بين الأصوات والفيديوهات الحقيقية وغير الحقيقية، لكن الذكاء الاصطناعي وصل إلى مرحلة لا تصدق من الدقة والمطابقة، حتى ملايين المستمعين صدقوا تلك المكالمة الشهيرة التي صنعها أحدهم للرئيس الأمريكي السابق جو بايدن. قد يكون من المبكر القول إن الأصوات الغنائية الموّلدة اصطناعيًا ستنافس المغنيين البشريين، لكن الأمر في المستقبل شبه محسوم بمشاركتها نجومية الفنانين. سيستطيع كل شخص توليد صوت غنائي، وقد ينجح هذا الصوت مثلما ينجح أشهر فنان. لن أستغرب في المستقبل القريب من وجود مهنة صانع أصوات غنائية، وقد يصنع الملحنون والشعراء بعض هذه الأصوات، مستغنين عن المغنيين البشريين وأمزجتهم الغريبة و «تدلعهم» الزائد عن اللزوم. بالأمس بحثت في اليوتيوب عن أكثر المحتوى مشاهدة، ولم أتفاجأ من تصدر الأغاني وبفارق كبير، بعض الأغاني تتجاوز الـ 10 مليارات مشاهدة، أي أكثر من سكان العالم، تلتها أغاني الأطفال والرسوم المتحركة، وجاءت الألعاب الإلكترونية في المركز الثالث، ثم الترفيه والكوميديا في المركز الرابع، وفي المركز الخامس جاءت يوميات المشاهير ويوميات صنّاع محتوى السفر. لاحظوا أن المراكز الخمسة الأولى جميعها ترفيهية، حتى الرياضة جاءت في المركز السادس. من الواضح أن المشاهدين وجدوا في اليوتيوب استراحتهم التي تفصلهم عن ركض الحياة اليومي.
شارلي شابلن: الفشل لا يهم، إنما الشجاعة للاستمرار هي ما يصنع الفارق.
شارلي شابلن: الفشل لا يهم، إنما الشجاعة للاستمرار هي ما يصنع الفارق.