خالد الشايع
90 دقيقة رمت ببلان من القمة للقاع
2025-10-01
أن تكرّم أحدًا بجائزة أفضل مدرب في الموسم ثم تقيله بعدها لأنه في نظرك سيئ، فهذه قمة الغرابة والفوضى، أمر لا يحدث إلا في الدوري السعودي، تم فيه الاعتراف بالمدرب الفرنسي لوران بلان بأنه المدرب الأفضل في الموسم الماضي، وبعد أول خسارة في الموسم التالي يتم طرده، على الرغم من أن المتابع الجيد يعرف أن العلة لم تكن في المدرب، وأن الخلل أكبر من ذلك بكثير.
للأسف الاتحاد ليس حالة نادرة، حتى بطل النخبة تدور الشكوك حول مدربه، الألماني يايسله، على الرغم من تجديد عقده قبل فترة قصيرة بثلاثة أضعاف عقده السابق، مازال هناك من يرى أن الأهلي يستحق مدربًا أفضل منه ويرون أنه مكشوف تمامًا للخصوم، ولا يتماشى مع الأسماء التي يملكها الفريق، والتي تحتاج لمدرب أكثر خبرة من المدرب الأربعيني.
في الهلال، الحال ليس مختلفًا كثيرًا، الأصوات التي تتعالى ضد الإيطالي إنزاغي باتت أعلى، مع أنهم يعرفون جيدًا أنه يملك فكرًا تدريبيًا يختلف تمامًا عن كل ما تعود عليه الهلاليون، وهو مازال يحاول أن يرسم الصورة التي في ذهنه لا ما في ذهن الجماهير، بدايته تشبه كثيرًا بداية جيسوس مع الهلال قبل موسمين، عبارة «يا أخي سوس»، كان الشعار التي أطلقه «بعض» الهلاليين في وجه المدرب الذي انطلق بعدها بقوة الصاروخ، ليكسر كل الأرقام القياسية ويحقق كل شيء ممكن تحقيقه، عدا الآسيوية قبل أن يعود في الموسم التالي وينسف كل ما جناه، كما هي عادته.
يعرف من تعاقد مع إنزاغي أنه يسير وفق نهج دفاعي، أكثر من أي مدرب درب الهلال سابقًا، وبالتالي كان يعرف أن هذا الأسلوب سيواجهه عدم رضا من الجماهير.
حتى جيسوس مع النصر، من يعرف المدرب البرتغالي جيدًا يعرف أن فرص إخفاقه تكون أكبر عندما تكون بدايته قوية، وبالتالي من المتوقع أن تتعالى الأصوات الناقدة ضده قريبًا، خسارة واحدة قد تحوله من العبقري للرجيع المستهلك، هي مسألة وقت لا أكثر.
المشكلة ليست في جيسوس ولا يايسله ولا حتى بلان وإنزاغي، فهي أسماء عالمية أن استثنينا الألماني، المشكلة أن تقييم المدربين لا يتم وفق أسس فنية، ولا على ما قدمه داخل وخارج الملعب، وهي إشكالية لن تنتهي في الدوري السعودي بسهولة طالما أن من يحرك الأندية هو المدرج وليس الأفكار الفنية، لا يمكن للمدرب أن يكون مميزًا في الموسم الأول ثم يكون فاشلًا، في الموسم التالي، لا يمكن أن يكون داهية وفي غمضة عين «سباك»، نفتقد إلى آلية تقييم حقيقية لما يقدمه المدرب، لا يمكن أن مدربًا خسر بطولة بسبب سوء تمركز لاعب، أو إهدار فرصة سهلة من مهاجم دولي، أو حتى مجرد سوء الحظ، ثم نطالب برأسه لأن البطولة ضاعت، دون أن ننظر إلى ما قدم الرجل خلال الفترة التي عمل فيها، على سبيل مثال الإنجليزي ستيفن جيرارد الذي درب الاتفاق الموسم الماضي، كان يملك خطة طويلة الأمد، أتفق فيها مع الإدارة، ونجح في إعادة بناء البنية الأساسية للنادي، لم يكن مجرد مدرب كان قائدًا لمرحلة جديدة، ولكن سوء النتائج في بعض المباريات كان سببًا كافيًا لإلغاء عقده، ونسف كل الخطط وكل المشاريع التي عمل عليها، والعودة للمربع الأول.
المشكلة أن الأندية تضع آراء الجماهير في الدرجة الأولى، الغضب الجماهيري والحديث في المساحات في موقع «X» هي التي تحدد مدى نجاح المدرب وفشله، على الرغم من أنهم يعرفون أن كثيرًا من هذه الآراء مدفوعة بأمور أخرى أكثر من مصلحة الفريق، ولكنها للأسف هي من تحرك الشارع وعلى الإدارات أن تسايرها للهرب من المسؤولية المباشرة، ولسان حالها: «لقد حققنا ما تريدون فماذا أنتم فاعلون!».