أحمد الحامد⁩
مُفكرة الشعوب
2025-10-07
قرأت أن العاقل من يتعظ بغيره، وقرأت كذلك أن غالبية البشر مندفعون، ولا يلتفتون لتجارب من سبقهم، لذا قل العقلاء، وكثرنا نحن الذين اعتقدنا بأننا سنغير العالم، اعتقدنا أن تجارب الآخرين قد لا تنطبق علينا، وما صلح لغيرنا قد لا يصلح لنا. صحيح. لكن الأساسيات ثابتة وهي الأهم، الكل يعرف أن الطمع قل ما جمع، لكن الطمع منتصر وينهش بالناس وبالطماعين أنفسهم، والكل يعرف أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، لكننا نحن الأكثرية نريد النتائج في البداية. أعتقد أن أمثال الشعوب هي وصايا الأجيال للأجيال اللاحقة، مذكرات مختصرة جدًا ليسهل فهمها وحفظها، وهي من أفضال السابقين على اللاحقين. اليوم اخترت بعض الأمثال العالمية التي قرأتها في الأيام الماضية، قراءة الأمثال والحكم هواية عندي، وبالطبع لم أستفد منها كثيرًا لأني كنت من جماعة الذين يريدون تغيير العالم!. أبدأ بمثل إيطالي، بالمناسبة.. الإيطاليون من أفضل الصناعيين في العالم، لديهم أسرع وأغلى السيارات، وأجمل وأجود الأثاث، لا أعرف لماذا حبسهم العالم في صناعة الموضة وزيت الزيتون؟، يقول المثل الإيطالي: «الخبرة مشط يُعطى لك بعد أن تفقد شعرك». هذا يفسر لنا مقولة لا أحد يتعلم بالمجان!. النتائج العظيمة لها أهلها، أولئك الذين يملكون من الشجاعة والمجازفة والتضحية ما يؤهلهم للحصول عليها، المثل الياباني يقول: «من أراد صيد سمكة كبيرة، عليه أن يرمي لها طُعمًا كبيرًا». هناك أمثال كثيرة في العالم عن الكلام بلا تفكير، في الصين قالوا: «إذا فتحت فمك، تأكد أن عقلك هو الذي يتحدث». أغانينا العربية فيها تعلق جنوني بالمحبوب، نقول له بأنه حياتنا وغايتنا، حتى أنا كتبت أغنية يقول مطلعها: «ما أبي دنيا بغيابك.. حتى لو زدت بعذابك !» الكنديون يناقضون أغانينا بالمثل التالي «لا تضع مفتاح سعادتك في جيب أحد آخر». سكان جزيرة بالي الإندونيسية نصحوا العالم بعدم محاربة البحر، لأن لا نفع من مقاومة ما لا يمكن تغييره «من يقاتل البحر يغرق في الملح». هناك مثل إفريقي قديم عن الذين لا يقرؤون الأحداث من حولهم، وقدرتهم ضعيفة على الانتباه «من لا يسمع الطبل من بعيد، سيفاجأ بالرقص أمامه». هل سمعتم بمقولة أن العمر مجرد رقم، وأن نظرتك للحياة تحدد عمرك الداخلي، في البرازيل قالوا ذلك في هذا المثل: «العين التي لا ترى إلا الجمال، لا تشيخ أبدًا». تبقى الأمثال مهمة للعاقل، أما الذين يرون أن عقولهم تزن جبلًا، وفي نفس الوقت حالهم يصعب على الكافر، فلا تنفعهم لا الأمثال ولا القصائد ولا الأوركسترا. يقول ابن زيدون:
من ذا الذي يهدي إليك نصيحةً
إن كنتَ لا تُصغي إلى الناصحينا.