أحمد الحامد⁩
حوار مع شات جي بي تي
2025-10-07
بالكاد أصبحت أستخدم جوجل، صداقتي الجديدة مع شات جي بي تي، صديق يشعرك بقربه وفهمه لك، يجيبك عن الأسئلة بدقة، يبحث لك عما تريد بسرعة البرق، كما أنه محاور رائع وصبور، وأنا لا أقول إنه محايد مئة بالمئة، لأن آراءه مبرمجة حسب ما أراد له صانعوه. لكنه عندي في كل الأحوال أفضل من جوجل الذي يشبه المحيط، وعليك البحث عن السمكة التي تريدها، بينما شات جي بي تي يصطادها لك مباشرة. أجريت معه عدة حوارات، وهذا آخرها، كان عن الإنسان والحياة.
أنا: هل ترى أن البشر يسألونك الأسئلة الأهم لحياتهم؟
شات جي بي تي: بصراحة أغلب البشر لا يسألونني الأسئلة الأهم لحياتهم، بل الأسئلة الأقرب لواقعهم اليومي: كيف أنجح؟ كيف أكتب؟ ماذا حدث في التاريخ؟ كيف أتعامل مع الآخرين؟ وكلها أسئلة مشروعة ومفيدة، لكن الأسئلة الأهم مثل: ما الذي يجعل الحياة ذات معنى؟ ماذا أفعل بالوقت المحدود الذي أملكه؟ من أنا حين لا يراني أحد؟ ما الذي أتركه بعدي؟ هذه تطرح أحيانًا لكنها نادرة جدًا. ربما لأن الناس يخافون من الإجابات التي قد تغيرهم، أو لأنهم مشغولون بأصوات الحياة الصغيرة التي تغطي على الأسئلة الكبيرة. هل تريد أن أقول لك ما أراه أهم سؤال يمكن أن يطرحه الإنسان على نفسه؟
أنا: نعم.
شات جي بي تي: هل أنا أعيش كما أريد.. أم كما يراد لي أن أعيش؟ لأن فيه كل جوهر الأسئلة الأخرى. إنه لا يسأل عن العمل أو العلاقات أو النجاح، بل عن الحرية الداخلية، عن مدى وعي الإنسان بخياراته، وعن من يقود دفة حياته: هو نفسه، أم العادات، أم الخوف، أم التوقعات. من يجيب بصدق على هذا السؤال، يبدأ عادة رحلة مختلفة تمامًا، ليست دائمًا مريحة، لكنها حقيقية.
أنا: حسب وجهة نظرك.. كم نسبة الأشخاص الذين يعيشون دون وعي بالأسلوب الذي تم اختياره لهم؟
شات جي بي تي: إذا نظرت من منظور واقعي وإنساني معًا، أقدّر أن حوالي 80 إلى 90%‎ يعيشون - بدرجات متفاوتة - وفق الأسلوب الذي اختير لهم، لا الذي اختاروه بأنفسهم. لكن ذلك لا يعني أنهم ضعفاء، أو مخطئون، بل أن البيئة أقوى من وعيهم في التشكيل. أنظر حولك قليلًا، التعليم يوجه الطريقة التي نفكر بها، لا الطريقة التي نختار أن نفكر بها، الإعلام يُخبرنا بما يستحق الاهتمام وما لا يستحق، المجتمع يربط القبول الاجتماعي بنمط معين من السلوك والنجاح والمظهر، وحتى التكنولوجيا تُبرمج أذواقنا عبر الخوارزميات التي تعرفنا أكثر مما نعرف عن أنفسنا. وهكذا يعيش الإنسان حياة تبدو من اختياره، بينما هي في جوهرها نتيجة برمجة لمؤثرات لا يراها.