حسام حسن.. 35 عاما بين الحلم الأول والأخير

في زاوية من زوايا التاريخ الكروي المصري، حيث تتداخل الأحلام مع الواقع، يقف حسام حسن مدرب منتخب مصر الأول لكرة القدم رمزًا للطموح الذي لا يعرف الاستسلام، رجل حفر اسمه بحروف من ذهب في سجلات كرة القدم، ليس فقط لاعبًا أعاد «الفراعنة» إلى مسرح العالم، بل مدربًا قاد سفينة المنتخب المصري إلى شاطئ المونديال مرة أخرى، في إنجاز يعكس رحلة طويلة من العزيمة والتحدي.
بدأت القصة في نوفمبر 1989، عندما كان حسام، المهاجم الشاب ذو القميص رقم 9، يرتدي عباءة البطل في ملعب القاهرة، كانت مباراة مصيرية ضد الجزائر في تصفيات مونديال 1990، الكرة تصل إليه، يعتلي المدافعين ويغمز الكرة برأسه هدفًا، صرخة مدوية من الجماهير تهز أرجاء الملعب، مصر تعود إلى كأس العالم بعد غياب امتد لـ56 عامًا، تلك اللحظة لم تكن مجرد هدف، بل كانت وعدًا بأن حسام لن يكون مجرد لاعب عابر.
تمضي الأعوام، وحسام، الذي اشتهر بروحه القتالية وغريزته الهجومية، ترك بصمته في الملاعب المحلية والعربية، لاعب الأهلي والزمالك، الذي كان يحمل في قدميه شغفًا لا ينضب، لم يكتفِ بأن يكون نجمًا داخل المستطيل الأخضر، بل قرر أن يعيد كتابة القصة من مقعد المدرب، بدأ مشواره التدريبي مع أندية مثل الزمالك والمصري البورسعيدي، ثم خاض تجربة خارجية مع منتخب الأردن، لكن الحلم الأكبر ظل يراوده قيادة منتخب مصر إلى العالمية.
في فبراير 2024، تولى حسام حسن قيادة المنتخب المصري، في وقت كانت فيه الكرة المصرية تبحث عن هويتها، جاء الرجل حاملًا رؤية واضحة، زرع الانضباط في صفوف اللاعبين، وبث فيهم روحًا جديدة، لم يكن مجرد مدرب يضع خططًا تكتيكية، بل قائدًا يعيد صياغة الثقة في نفوس الفراعنة، مباراة تلو الأخرى، سواء في تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2025 أو تصفيات كأس العالم 2026، لم يعرف المنتخب طعم الهزيمة تحت قيادته، كل مباراة كانت خطوة نحو الحلم.
حسام حسن، المولود في 10 أغسطس 1966 بحي عين شمس في القاهرة، لم يكن مجرد موهبة كروية، بل ظاهرة، سجل 68 هدفًا دوليًا مع المنتخب المصري، وهو رقم يضعه في صدارة هدافي «الفراعنة» تاريخيًا، كما قاد الأهلي للفوز ببطولات محلية وقارية، لكن تألقه مدربًا جاء ليضيف بُعدًا جديدًا لمسيرته، في تصفيات مونديال 2026، قاد مصر عبر سلسلة من الانتصارات، مستفيدًا من مزيج من اللاعبين المخضرمين مثل محمد صلاح وزميله في الهجوم مصطفى محمد، مع حماس لاعبين شباب مثل زيزو وتريزيجيه ومرموش، ليحقق المنتخب التأهل إلى المونديال للمرة الرابعة في تاريخه، بعد مشاركات في 1934، 1990، و2018.
في كل مباراة، كان حسام يقف على خط الملعب، يتابع بتركيز، يوجه، يحفز، كأنه يلعب المباراة بنفسه، عيناه تحملان ذات الشغف الذي كان يحمله في شبابه، لم يكن التأهل إلى مونديال 2026 مجرد إنجاز إداري، بل كان ثمرة رؤية رجل آمن بأن مصر قادرة على استعادة مكانتها، من إيطاليا 1990 لاعبًا إلى مونديال 2026 مدربًا، أكمل حسام حسن الدائرة، ليصبح أول مصري يحقق هذا الإنجاز المزدوج.