صالح الطريقي
نقدك إصلاحي ونقد الآخر غير نزيه
2025-10-15
انتهت تصفيات كأس العالم، واستطاع منتخبنا الخروج من عنق الزجاجة، وتأهلنا لنهائي «كأس العالم».
وبالتأكيد الفرحة ستنسي المتصارعين تناقضاتهم، ولن يحملوا بعض أسباب الإخفاق مع أن لا أحد منهم كان داخل الملعب ليغير النتيجة.
وقد كان الإعلاميون ومعهم الجماهير «وهم كثر» طوال التصفيات، أشبه بأم «تلعن من ينتقد ابنها، وتنتقد كل عيال الحارة لعدم فعلهم الصواب»، وسأكتفي بنموذجين لتوضيح الصورة.
كتب أحدهم يقول: «هل يعقل أن بيننا من لا يريد للمنتخب أن يتأهل لكأس العالم بسبب لاعب، أو لا عبين لا ينتمون لأنديتهم؟».
وكان يحاول حماية «سالم الدوسري» الذي اتفق غالبية النقاد على هبوط مستواه بالتصفيات، وحماية «محمد كنو» الذي حصل على بطاقة حمراء برعونة.
وحين أحضروا له نقده لمدرب المنتخب «سعد الشهري»، برر أن رأيه قد يكون صائبًا، أو خاطئًا، فيما الآخرون الكل يعلم بأن نقدهم حملة «غير نزيهة».
كتب آخر كان ينتقد «سالم» مدافعًا عن «نواف العقيدي»، إن ما وجه له لم يكن نقدًا، ولكن تصفية حسابات.
فما الذي يجعل الطرفان يلعبان دور «الأم التي تحمي طفلها؟».
عادة ردة فعلنا الأولية اتجاه النقد الموجه لنا، أو لمن نحب، أنه يثير غضبنا، فجميعنا نحب المديح، ويغضبنا الإشارة لعيوبنا.
لهذا تتحرك «ميكانيزمات الدفاع من اللاوعي» لحمايتنا من الهجوم الذي سبب لنا التوتر والقلق، فنستخدم «مغالطة الشخصنة» الهجوم على صاحب النقد وتشويه صورته، وأنه غير نزيه، دون مناقشة فكرته وإثبات خطأها، أو صوابها معتقدين أن تشويه صورة الناقد سيسقط نقده.
بقي أن أقول:
إن ما نحتاجه إليه إعلاميين ومشجعين أن ندرب أنفسنا على التحكم «بميكانيزماتنا الدفاعية» التي كثيرًا ما تستخدم المغالطات المنطقية فتظهرنا متناقضين، لأن مهمتها ليس التفكير لمعرفة الصواب والخطأ لتطورنا، بل لحمايتنا من القلق.
وأن نتأمل الفكرة المطروحة، وننقدها لنثبت خطأها، فيتخلى عنها صاحبها.
أو إن كان النقد صوابًا نستفيد منه، أو غير كامل فنعدله ونطوره.
وبهذا «الجدل الديالكتيكي» تتطور العقول والمجتمعات.