د.تركي العواد
إلى والد أبو الشامات
2025-10-23
جاءنا بلا موعد.. فاجأنا بحضور كبير يليق بموهبته ويليق بالكرة السعودية المتعطشة لنجم جديد بعد سنوات عجاف بلا مواهب ولا معجزات.
تظهر المواهب بسرعة وتختفي بسرعة أيضًا، تعددت الأسباب لقصر عمر اللاعب السعودي ولكن الحقيقة الراسخة أننا لا نستفيد من مواهبنا كما يجب، تكون بدايتهم رائعة مبهرة، أما النهاية فلا تكون كما نتمنى.
سالم الدوسري ليس أكثر موهبة من نواف العابد، ولكن الفرق كان في الاحترافية والتركيز والتفرغ لكرة القدم، وهذا يؤسس لنموذج يمكن أن يتبع خطواته الجيل القادم للوصول لمسيرة رياضية طويلة مليئة بالنجاح والإنجازات.
صالح لا شك أبهرنا وأفرحنا وأسهم في تأهل المنتخب، ونتوقع أن يواصل التألق إلى أن يصل لقيادة المنتخب ويعتزل في أواخر الثلاثين، ولكن هذا لن يحدث دون وعي كبير من اللاعب ومن حوله بقيمة الموهبة التي يتمتع بها.
يمكن للاعب أن يعتمد على الموهبة الفطرية في السنوات الأولى من مسيرته لأنه يافع ولا يؤثر عليه السهر ولا الأكل السيئ ولا قلة الانضباط، وكل قصور يمكن تغطيته بالمهارة والإبداع، ولكن بعد أن يتخطى اللاعب 25 سنة، لا تستطيع الموهبة حمله دون انضباط ولا تغذية صحية ولا تمارين جادة ولياقة كاملة.
خلال السنوات الطويلة انتقدت عددًا كبيرًا من المواهب لأنها ذبلت قبل وقتها وتلاشت بسرعة ولم تحقق ما يوازي موهبتها، وألوم نفسي كثيرًا لأني حذرت متأخرًا وبعد أن طورت تلك المواهب عادات يصعب التخلص منها.
اليوم أكتب عن صالح وهو يبدأ مسيرته، وهو يخطو أول خطواته، وقبل أن يسلك طريقًا لا رجعة منه، وقبل أن يطور عادات مدمرة لجسده وموهبته حتى لا نخسر موهبة جديدة ونتحسر على ضياعها.
شاهدت لقاء والد صالح في برنامج «في المرمى» وأعجبني حرصه واهتمامه بمستقبل أبنائه، يجب أن يكون حازمًا ويستخدم معهم ما يسمى بالحب القاسي «Tough love»، أي يتعامل معهم بحزم بما يخدم مصالحهم ويساعدهم على النجاح، فكرة القدم لها وهج يعُمي الأعين ويسحر القلوب وبحاجة لرجل حكيم يدلهم على الطريق وسط الضجيج.