تركي السهلي
مزاج رياضي
2025-10-27
أقسى ما يواجه صاحب الرأي، هو تنميطه دون أيّ اعتبارات لطروحاته المبنية على وقائع جديدة. وأخطر ما يُهمله الصحافي، هي حالة المزاج العام، وتقلّباتها الحادة. وفي كُل الحالات، لا ينبغي للإعلامي أن يكون عنيدًا مع الجماهير، ولا مُتجاهلًا للتغيّرات الطارئة البعيدة عن مجاله. كما عليه أن يقيس على الدوام بواعث الاصطدام مع كُل من يتلقّى رأيه، وأن ينسج الطرح وهو يضع في الحسبان مواضع الإبرة.
والصحافي الذي يخوض كثيرًا في مواضيع ذات تخصّص، لابدّ وأن يرى التقاطعات، واعتبارات المصالح، وُمحرّكات الميل الشخصي، والتقاء الشخصيات بمواقفها. وأن يُفسح المجال لكل فكرة بعيدة كي تُصبح قريبة. كما أن عليه أن يضع في الاعتبار، أن ما كان مقبولًا بالأمس، ليس بالضرورة أن يكون مقبولًا اليوم. وفي كُل الخطوط التي يرسمها الصحفي لنفسه، عليه أن ينظر جيّدًا إلى تلك الحدود التي يدفعها إليه المُتلقّي، سواء كان ذلك رسميًا أم شعبيًا، فكلاهما في مستوى التأطير واحد. أنّ الصحفي الذي يمارس المراوغة سيجد له مخرجًا بعض الأوقات، مُستندًا على ذاكرة الجماهير التي قد تغيب مرّات. لكن، الأزمات تحتاج إلى منهج مواجهة، لا إلى طريق هروب.
وبناء الرأي، من أصعب الأمور على صاحبه، فهو بين فكّي رحى القبول والرفض. لكن، الذي يعرف جيّدًا كيف هي ألوان التشكيل، سيجد حتمًا، ودون وجل، فضاءٍ رحبٍ كُل مرّة.
لقد تعدّدت مفاهيم الاتصال، والإعلام بالطبع، لكنّ التحدّي الأكبر للصحفي، يكمن في تجديد أدواته، وفهم مواقف الغير داخل مُحيطة.
إنّ المجال الرياضي، واحد من أشدّ المجالات جذبًا، وأوسعها مساحة، لكنّه، يبقى الأضيق من حيث ردود الأفعال، والأعقد من حيث تداخل الأطراف، وفيه يلتقي السياسي بالرياضي بالاجتماعي بالاقتصادي، ومعه تتضارب الأفكار، ويكثر الكلام، وتعترك القناعات.
لقد آثر، أكثر من صحفي، الانزواء بعيدًا عن معارك الرأي. لكن القضايا لا تموت، والوجه الذي يغيب، سيجد المؤطرين وجهًا جديدًا لتنميطه، ومعادلة الحضور والغياب تبرز مع الشخص وفكرته معًا. لقد شرب الجميع الماء، وهو بلا لون، ولا رائحة، لكن لا غنى عنه، ولا حياة بدونه.