أحمد الحامد⁩
خبراء بلا خبرة
2025-10-29
في المقهى تحدثت مع أحد الأصدقاء في شؤون كثيرة، تحدثنا عن الارتفاع المجنون للذهب، وإن كانت الحرب الروسية الأوكرانية ستتوسع، واتفقنا أن كأس العالم قد يفقد مستواه الفني بعد ارتفاع الفرق المشاركة إلى 48، وكيف أن مستوى بعض المنتخبات المتأهلة لأول مرة لا يضيف للبطولة بل يضعفها. تحدثنا عن العقار، وأسباب الصعود العالمي، ورددت رأيي للمرة الألف عن أسباب الارتفاعات، ثم انتقلنا للحديث عن السيارات الصينية وتأثيرها على صناعة السيارات الأوروبية، كان هناك تطابق في اعتقادنا بأن الأوروبيين لن يقاوموا طويلًا المارد الصيني، لأن الصيني يملك التكنولوجيا والأيدي العاملة الماهرة، والمرونة في اتخاذ وتنفيذ القرارات فورًا، لم يكن أحدنا مختصًا في شأن من الشؤون التي تحدثنا عنها. اختيارات عشوائية للمواضيع دون معرفة، ثم غادر كل منا إلى منزله. لست وصديقي فقط نفقد وقتنا بلا معنى وقيمة، المسألة عالمية، يكررها مئات الملايين كل صباح ومساء، أيام وشهور وسنين تمضي بلا تركيز. ذكرني ذلك بحديث لأحد الحكماء الهنود، شاهدته في السوشل ميديا يقول: دخلت محلًا لبيع الشاي، تكلم بائع الشاي معي في كل الشؤون، شرح أخطاء السياسيين، وتكلم في الاقتصاد طويلًا، والحلول التي ستخفف من ازدحام المدن، وكيف يعيش المتزوجون بسعادة، ولماذا لا تملك الهند منتخبًا قويًا في كرة القدم، ثم عندما قدم لي الشاي كان طعمه سيئًا ولم أستطع شربه! اليوم تغيرت عندي المفاهيم التي أبني عليها إعجابي بشخص ما، يُعجبني الشخص الذي يجيد أمرًا إجادة كاملة، أعجب بصانع الآيسكريم اللذيذ، لأنه يجيد عمله، أعجب بالذي لا يعرف شيئًا عن السيارات وكرة القدم لكنه يعرف كل شيء تقريبًا في تخصصه، لا يضيع وقته في أمور لا تطوره في مجاله. كانت من مخططاتي الإذاعية تسجيل حلقات لليوتيوب، حلقات أحب مواضيعها، نافعه للناس، وأن أقرأ أكثر، وأكتب أكثر، مخططات منذ سنوات، لم أنفذها، ليس لأني مشغول، بل لأني فاقد التركيز، مشتت الأفكار، فنان في إضاعة وقتي. هذا ليس جلدًا للذات، بل قراءة أعتقد أنها واقعية، ليست عني فقط، بل عن نصف البشر على أقل تقدير.. هل أنت منهم؟
فيودور دوستويفسكي: «إن غاية الغايات أيها السادة، أن يتفرغ المرء لنفسه».