سييرو.. ابن سياسي وسليل عائلة كروية

الرياض - إبراهيم الأنصاري Ibrahimal_ansar@ 2025.10.31 | 03:15 pm

في أوروبا القارة العجوز، يعرف مصطلح «الهدوء السويسري» وهو وصف يعبر عن برودة أعصاب أبناء هذا البلد الساحر بجمال طبيعتها الخلابة، لكن فنسنت سييرو محترف فريق الشباب الأول لكرة القدم فقد أعصابه وتلاسن مع نواف الغليميش زميله بالأبيض العاصمي أمام أعين الجماهير وكاميرات المصورين.
في مدينة سيون الهادئة جنوب غرب سويسرا، شهد يوم الثامن من أكتوبر عام 1995 ميلاد فينسنت أوليفييه سييرو، ابن سيرج سييرو الذي شغل سابقًا منصب عضو مجلس الولاية، وعائلة غارقة في حب كرة القدم حيث لعب الأب مع نادي سيير بينما أسهم الجد في تأسيس نادي كرانس مونتانا.
انضم الصبي الصغير إلى أكاديمية الشباب في نادي سيون مسقط رأسه، وكانت زيارته الأولى لملعب توربيون برفقة جده لأمه لحظة لا تنسى، إذ وقف وسط حشود الجماهير في القسم الشرقي ذي المقاعد الخشبية، يشاهد بليز بيفاريتي أحد أساطير النادي يلعب دون أن يتذكر الخصم بالضبط، لكنه يروي: «شعرت بالخوف تقريبًا عندما وجدت نفسي وسط تلك الحشود».
من هناك انطلقت رحلته، مرورًا ببرنامج الشباب في النادي نفسه ثم مركز التدريب التابع للاتحاد السويسري في لوزان، على الرغم من قصر قامته الذي دفع مسؤولي الاتحاد لطلب فحص طبي في لوزان، حيث تنبأ التقرير بنموه سنتيمترين كل عامين ليصل إلى 184 سنتيمترًا بحلول الثامنة عشرة، ويعلق والده سيرج: «ظننت أن الملف الذي بحوزته كان خاطئًا عندما خلص إلى ذلك».
تدرج سييرو في فئات نادي سيون حتى وصل الفريق الأول موسم 2014-2015، مسجلًا هدفه الأول في الدوري الممتاز ضد ثون، ثم انتقل في يناير 2017 إلى فرايبورج الألماني حيث واجه صعوبات في التأقلم، فعاد إعارة إلى سانت جالن السويسري موسم 2018-2019، قبل توقيع عقد لأربعة أعوام مع يانج بويز في يونيو 2019، ومن ثم إلى تولوز الفرنسي في يناير 2023 حيث عين قائدًا قبل موسم 2023-2024، وأخيرًا أعلن نادي الشباب السعودي تعاقده معه رسميًا في أغسطس 2025.
يلعب في مركز خط الوسط، معروفًا بكراته الطويلة الدقيقة وقوة تركيزه، ويحمل خبرة دولية محدودة بدأت بمباراة تجريبية واحدة مع المنتخب السويسري في 26 مارس أمام إيرلندا انتهت بالفوز 1-0، حيث لمس الكرة 59 مرة بنسبة تمريرات ناجحة تجاوزت 90% إلى جانب جرانيت تشاكا في قلب الدفاع، وعلق المدرب مراد ياكين: «أريد أن أسلط الضوء على مزاياه، لقد فعل ما توقعته منه». شارك أيضًا في يورو 2024 بألمانيا، بعد أن راقب عن كثب أساليب لاعبين مثل توني كروس ولوكا مودريتش وكيفن دي بروين، ويصرح في مقابلة مع ليكيب: «أحلل المباريات كثيرًا، يزداد اهتمامي بأساليب اللعب وردود أفعال المدربين في مواقف معينة وكيفية تحرك كل لاعب».
دعم والداه سيرج وكاثرين مسيرته بتضحيات كبيرة، إذ ضحيا بالكثير ليتمكن هو وإخوته من ممارسة اللعبة، وشجعاه على الدراسة فحصل على شهادة الثانوية العامة ثم دبلوم جامعي في الاقتصاد والإدارة عام 2019، ويروي: «قضيت عدة أعوام لم يكن من السهل فيها التوفيق بين الأمرين، لكن ذلك سمح لي بتحسين انضباطي، في كرة القدم كما في الحياة هذا مهم جدًا، فهو يبني قوة الإرادة، وأعتبر ذلك ميزة إضافية»، كما يضيف: «لقد ضحيا بالكثير من أجلي ولإخوتي كي نلعب كرة القدم».
يحرص الوالدان على الحضور دون تدخل، فسافرا إلى ألمانيا لدعمه في يورو 2024، ويؤكد سيرج: «نريد أن نكون آباءً حاضرين لا متطفلين»، مضيفًا عن مباريات ابنه: «كنت ملتصقًا بالتلفزيون كما أفعل في كل مباراة يشارك فيها فينسنت».
ويرفض سيرج الحديث عن فخره الشخصي لكنه يقول بحزم: «لا يسع المرء إلا أن يفخر بما يفعله»، ويضيف عن ابنه البالغ 30 عامًا الآن: «يحق لفينسنت أن يكون فخورًا، سعيد بتحقيق هذا الهدف، إنه متواضع وطموح، يستحق كل التقدير، يتمتع بقوة الإرادة والصرامة والمثابرة والانضباط».
في المباراة التي انتصر فيها الشباب بهدف دون رد أمام الزلفي في كأس الملك، انفعل لاعب الوسط السويسري بشدة على الغليميش بعد الهفوة التي ارتكبها بالقرب من منطقة الجزاء وكادت تكلفهم هدفًا، إلا أن الليث في النهاية خرج من عرينه سالمًا، ورقص الثنائي فرحًا.