أحمد الحامد⁩
كلام ويكند
2025-11-07
أرسلت لصديقي مقطع فيديو لشخص يطير فوق الأشجار والبيوت، مرتديًا حزامًا مليئًا بالمحركات الصغيرة، كتبت له: تُرى هل سيأتي اليوم الذي نطير فيه، أم أن حلم الطيران مستحيل على الذين في الخمسينيات؟ قلت «مستحيل» لأن إمكانية طيران البشر بصورة تجارية قد تستغرق وقتًا طويلًا، لا نكون فيه نحن الخمسون على قيد الحياة. كتب لي: هل وصل الأمر بك ألا تفرق بين المقاطع الحقيقية والذكاء الاصطناعي؟ علمت منه أن الفيديو مزيف وليس حقيقيًّا.
لم تزعجني عدم معرفتي، لكنني تساءلت: إذا كنَّا في عام 2025 والفيديو المزيف وكأنه طبيعي، فكيف سيكون الحال بعد 5 و10 سنوات؟ أتصور أنَّ الكثير من الفيديوهات ستكون مزيفة بدقة عالية، وسيتم تزييف الكثير من الأحداث التي حدثت منذ ظهور الكاميرا، سنشاهد أهدافًا لبيليه ومارادونا ولاعبين كثر غير حقيقية، ومقاطع من أفلام غير موجودة في الفيلم الأصلي، ولقاءات تلفزيونية مع شخصيات رحلت لم تجرِ هذه اللقاءات! مخيف تصور المستقبل، لأن بقدر ما فيه من تطور وتقنية، بقدر ما قد يكون أقل مصداقية!
الإذاعات واليوتيوب على موعد مع الأغاني الاصطناعية، سمعت عن تطبيقات تكتب لك الكلمات وتولد الموسيقى وتؤلف الألحان، وإن كنت شاعرًا فما عليك إلا أن تكتب قصيدتك فتقوم هي بتلحينها بعدة ألحان مختلفة وتترك لك الخيار. أو تدندن لها اللحن بصوتك وتحوّله لك إلى موسيقى رائعة.
لم أنتظر واشتركت مع تطبيق شهير، وبعد دقائق سمعت ما دندنته بصوتي يتحوَّل إلى موسيقى أوركسترالية وبتوزيع ساحر، حتى اعتقدت أنني لا أقل فنيًّا عن بليغ حمدي! التطبيقات التي تولد الموسيقى أقل ما يقال عنها خيالية، وإذا كان الذكاء الاصطناعي بدأ بأخذ وظائف البشر، فالتطبيقات التي تولد الموسيقى ستأخذ وظائف الموسيقيين. نحن فعلًا نشهد تحولًا تاريخيًّا في حياتنا مع الذكاء الاصطناعي، لكن إلى أين يتجه التحول.. الله أعلم.
بوكوفسكي: لن تحصل على حريتك إلا حين تستقل ماديًا، وما عدا ذلك كلها فلسفة وأفكار خيالية.