رياض المسلم
مسلسل عن جازان لكن أبطاله من خارجها!
2025-11-07
حين يقدم لك طبق من الحلوى يسرق عينيك بتزيينه ورائحته، ويحول بينك وبين الاستمتاع بطعمه وقت وصوله إلى لسانك، لكن عندما يصل تتفاجأ بمذاق الملح والبهارات، وقتها أتصدق عينيك أم لسانك، فتتوه بين الجودة والحقيقية.
الوصف يشبه مشاهدة عمل درامي متقن ومجوّد إخراجًا وإنتاجًا، لكن عندما ينطق نجومه يتحدثون بلهجة تجعلك تردد «يا زينك ساكت».
المسلسل السعودي «الضارية» الذي تقدمه «إم بي سي» عبر شاهد، كتب بشكل جيد ومسّ قضية مهمة وشائكة وهي تجارة الممنوعات في إحدى المناطق الحدودية في جازان، وذهب فريق العمل إلى هناك وتعنّوا تحديات التصوير بين الجبل والسهل والأجواء المتقلبة، وكل شيء في المسلسل «على سنجة عشرة» لحين ينطق نجومه متحدثين بلهجة أهل جازان وقتها أنت أمام خيارين أن تغير تصنيفه من دراما إلى كوميديا وتضحك، أو تلغي المشاهدة.
فايز بن جريس وخالد صقر وتركي اليوسف، أبطال العمل الرئيسيون، قدموا أعمالًا خالدة في مسيرتهم، لكنهم ليسوا من أبناء المنطقة، وحاولوا أن يتقنوا اللهجة لكنهم لم يقنعونا، وتابعت الحلقات الأولى، ومن وهلتها أدركت أن كل شيء جميل، لكن إتقان اللهجة نقطة ضعف واضحة.
وهنا تساؤل.. لماذا عندما قدمت «إم بي سي» مسلسل «خيوط المعازيب» قبل عامين الذي يحكي قصة رائعة في الأحساء والمنطقة الشرقية اختارت نجومًا من المنطقة ذاتها؟ وكان يفترض أن تستثمر هذا النجاح الشرقي بتكراره في الجنوب وبسواعد أبناء المنطقة ذاتها لا أن تستبدلهم بآخرين بعيدين عنها.

كل الأعمال الدرامية السعودية السابقة التي تدور حول المناطق أبطالها يكونون من أهلها، فـ «نجوم المنطقة أدرى بلهجتها».
والسؤال.. أين هم أبناء المنطقة من الممثلين والممثلات؟ وهل جازان التي قدمت للساحة الثقافية والفنية والعلمية الكثير من أبنائها وأبهرت العالم غير قادرة على تقديم ممثلين لعمل درامي؟!.
هناك نجوم من أبناء المنطقة تألقوا في أعمال درامية، ولا أريد أن أسميهم، لكن صنّاع المهنة والمنتمين لها يعرفونهم وكانوا الأحق بتقديم عمل درامي عن منطقتهم.
مبادرة رحلة إبداعية «حول المملكة» التي أطلقتها أكاديمية MBC في العام 2020م، وكانت عرّابتها الدكتورة علا العلوان، فتشوا عن المواهب في كل مناطق السعودية، ومنها جازان وذهبوا إليهم فتخرج منها العشرات من الموهوبين في مجالات عدة منها التمثيل، ولا يزالون مستمرين.. فلماذا لم يستثمر هؤلاء في بطولة العمل؟.. أليسوا هم الأحق؟.
ولا يقتصر الأمر على الأكاديميات بل جمعية الثقافة والفنون في المنطقة وغيرها من الجهات ذات العلاقة أسهمت في احتضان المواهب في التمثيل فأين هم؟.
استغرب من صنّاع المسلسلات عدم إخضاعهم العمل لاستشارات فنية مع مختصين يكشفون لهم العيوب غير الإنتاجية أو السياق الدرامي بل التفاصيل البسيطة لأنها تصنع الفارق في أي عمل.
من الصعب أن تتقبل صورة شخص متزين ببدلة «التكسيدو» و«الببيونه» تلمع تحت رقبته، وهو على ظهر «الذلول» يرعى «النياق» بين النفود.