مارسينياك حكم الديربي.. سحرته ماجدالينا و«كورونا» هدّد حياته

الرياض - إبراهيم الأنصاري Ibrahimal_ansar@ 2025.11.08 | 05:26 pm

اشتهر الحكم البولندي سيمون مارسينياك، حكم مواجهة فريق الاتحاد الأول لكرة القدم، أمام الأهلي في ديربي جدة، بالصرامة والجدية والحزم في الملعب، لكن جميع تلك الصفات تختفي ويتحول إلى حمل وديع في حضور ماجدالينا زوجته التي يصفها بأنها السيدة الحديدية التي لا يستطيع رفض طلباتها.
في 7 يوليو من العام 1981 وعلى ضفاف نهر فيستولا أهم وأطول نهر في بولندا والذي يجري عبر البلاد من الجنوب إلى الشمال والواقع في مدينة بلوك ولد سيمون مارسينياك في عائلة متوسطة، وفي البناء المجاور لمنزله كانت تسكن ماجدالينا الفتاة التي ستصبح لاحقًا زوجته وشريكة حياته وأم أبنائه.
في طفولته عشق مارسينياك رياضة ركوب الدراجات لكن في سن الخامسة عشرة تحول إلى لعب كرة القدم مع نادي مدينته، لم يكن ذلك اللاعب البارع صاحب المسيرة المميزة وعقب طرده في مباراة، توقفت مسيرة مارسينياك الكروية عند سن 22 عامًا، وفق ما ذكرته صحيفة «ذا صن» البريطانية.
وقد تحداه الحكم الذي طرده قائلًا: «إن كنت تعتقد أنه من السهل أداء مهمة التحكيم فعليك تجربة ذلك»، وهو ما فعله البولندي، وانطلقت مسيرته في عالم التحكيم عام 2008.
وحصل على الشارة الدولية في عام 2011 قبل أن يصبح أحد حكام النخبة في كرة القدم العالمية بعد إدارته عددًا من البطولات العالمية، إذ شارك في إدارة نهائي كأس العالم 2018 في روسيا بين فرنسا وكرواتيا، كما قاد 58 مواجهة في دوري أبطال أوروبا من عام 2014 حتى النسخة الجارية.
وفي الدوري السعودي، يمتلك سيمون تجربة كبيرة، إذ حضر في 34 مباراة منذ عام 2015 من بوابة قمة الأهلي والنصر، التي كسبها الأول 4ـ2، ليواصل بعدها وجوده المستمر في جميع المواسم اللاحقة، إذ لم يغب عن أي نسخة من البطولة، لكن أكثرها حضورًا في موسم 2018ـ2019 بقيادة 15 مواجهة دورية.
في مطلع القرن الجديد ارتبط مارسينياك بفتاة أحلامه منذ الطفولة ماجدالينا التي أنجب منها طفله البكر بارتوش عام 2003 وابنته، ناتاليا عام 2012.
يقول مارسينياك عن حياته العائلية مع زوجته: «دائمًا القرار النهائي لماجدالينا فهي تُدير شؤون المنزل والأسرة؛ وهذا أمرٌ طبيعيٌّ في أسلوب عملي. لا يُمكن أن يكون الأمرُ غير ذلك . ثانيًا، هي من تُقرر أغلب الأمور لا يُهمّني لون الجدران، أو لون الواجهة، أو أيّ منزل، أو أيّ سيارة. الأمر ليس مهمًا بالنسبة لي؛ بل هو مُهمٌّ لها، لذا دعها تختار، وأنا هنا لأدفع».
ويضيف البولندي الصارم: «حياة عائلتي بأكملها مرتبطة بتحكيمي، كحكم، تتخذ قرارات صعبة للغاية ذات ثقل كبير وتكلفك الكثير، الجميع يحكم عليك قبل المباراة وخلالها وبعدها، يجب أن يكون ذهنك صافيًا، لا أستطيع التفكير في حقيقة أن ابني لم يُنجز واجباته وفشل في دراسته، وجود مجدالينا في حياتي جعلني لا أضطر للتفكير في أمور عادية، أعلم أن الأطفال مُطعمون ونظيفون والمنزل مُعتنى به . أشعر براحة لا تُوصف لأنني قادر على التحضير للمباراة».
وأكد مارسينياك أن كثرة السفر لعب دورًا محوريًا في علاقته مع زوجته، في ذلك الوقت، كان لا يزال يسعى لتطوير مسيرته الكروية، حيث كان يلعب في دوريات بولندا الدنيا، وكان السفر المتكرر يعني أن الزوجين لم يشعرا بالملل أبدًا من بعضهما بعضًا، ما أسهم في استمرار علاقتهما.
نجاح مارسينياك الكبير في التحكيم جعله قدوة لشقيقه توماس الذي يصغره بعامين والذي اختار مهنة تحكيم كرة القدم، وفي الموسم الماضي، أدار مباريات في دوري الدرجة الأولى.
عرف الجميع مارسينياك بتواضعه وحبه لممارسة مهنته على الرغم من احترافه المجال إلا أنه تحكيمه لا يقتصر على مباريات كبار نجوم كرة القدم فحسب، بل يزور أيضًا ملاعب دوريات الدرجة الأدنى في بولندا، كلما سنحت له الفرصة، وقبل سفره إلى كأس العالم الأخيرة، أدار مباراة في دوري المناطق، وسمع خلالها كلماتٍ مفاجئة من أحد اللاعبين لم ينسها حتى اليوم.
يقول عن مارتشنياك: لن أنسى أبدًا عندما ذهبتُ، قبل بطولة العالم، إلى دوري المناطق لأُدير مباراة محلية بعد المباراة، اقترب مني لاعب شاب، وصافحني بكفّه، وقال: «أنت أفضل حكم في المنطقة». شكرته، وفجأة ركض إلينا رجل وقال للاعب: «يا أحمق، هل تعرف من هذا؟ إنه مارسينياك». لاحظتُ أنه لم يكن يعرفني حقًا. كان كلامه صادقًا جدًا، يتذكر مارسينياك مبتسمًا.
في عام 2021 كاد وباء «كوفيد» أن ينهي مسيرة ابن العاصمة البولندية بعد أن تم تشخيص إصابته بتسرع القلب بعد تعافيه من عدوى «كوفيد-19»، ما منعه من إدارة مباريات في بطولة أمم أوروبا 2020.
في جدة التي كانت أول مدينة سعودية يزورها البولندي عام 2015 سيكون عليه أن يضبط صافرته في ديربي عروس البحر الأحمر التي تنقسم اليوم إلى معسكرين بين الأخضر والأصفر وصافرة القادم من أوروبا الشرقية هي الفيصل بينهم.