أحمد الحامد⁩
مشاكل وأذكياء!
2025-11-12
يقال إن أكثر الابتكارات جاءت حلولًا لمشاكل، ولولا المشاكل لما عرفنا هذه الابتكارات. عندما فكرت في المقولة وجدت أن بعض المشاكل نعمة إذا تعامل معها الإنسان الذكي، لأنه يبتكر حلًا يستفيد منه الجميع. في العام 1887 ابتكر جون دنلوب العجلة المطاطية المملوءة بالهواء، لأن ابنه الصغير كان يقود دراجة إطاراتها من المطاط الصلب، كانت الإطارات الصلبة تجعل الركوب قاسيًا وغير مريح. لاحظ دنلوب أن ابنه كان يهتز كثيرًا مع كل اهتزاز في الطريق، الأمر الذي جعله لا يقود دراجته لمسافات طويلة. فكر في الحل، فابتكر الإطار المطاطي المملوء بالهواء، صانعًا لابنه وللبشرية هذا الابتكار الذي غير طريقة النقل البري للأبد. دنلوب بالأساس طبيب بيطري لكنه ذكي، ولو كنت محله واشتكى ابني من قساوة ركوب الدراجة لقلت له: خلك رجال وتحمّل!. مشكلة أخرى وقعت بين يدي رجل آخر اسمه برنارد سادو، كان يعمل في مصنع للحقائب، وعندما عاد من إحدى سفرياته عام 1970، لاحظ عاملًا في المطار يسحب آلة ثقيلة على منصة بعجلات. لمعت في عقل برنارد فكرة، وعندما وصل إلى منزله أخذ حقيبة من منتجات شركته، وثبت في أسفلها أربع عجلات صغيرة، وأضاف حزامًا للسحب. كانت حلًا رائعًا لمشكلة حمل الحقائب أثناء السفر، قام بتسجيل براءة الاختراع، لكنه اضطر للانتظار 5 سنوات ليستطيع بيع منتجه في الأسواق الأمريكية، بسبب رفض المحلات الكبرى تقبل فكرة الحقيبة، وبمجرد قبول أحد المحلات الكبيرة حققت مبيعات مرتفعة، وانتشرت في العالم. في التسعينات الميلادية أضاف الطيار روبرت بلات مقبضًا طويلًا مع عجلتين فقط في الخلف وهو الشكل المعروف للحقيبة القابلة للسحب. تخيلوا حالنا ونحن نحمل حقائبنا في المطارات! مشكلة أخرى كان حلها تحولًا اقتصاديًا عالميًا كبيرًا، بطل القصة مالكوم ماكلين في العام 1937، كان يعمل سائق شاحنة، وكان ينقل دائمًا براميل القطن من أحد المصانع إلى ميناء نيوجرسي، عملية تنزيل البراميل من السيارة ومن ثم تحميلها في سفينة الشحن كانت تستغرق وقتًا طويلًا، وتتعب العمال. فكر في الحل فابتكر الحاوية «الكونتينر». يُنقل اليوم في الحاويات 90 في المئة مما تصنعه المصانع سنويًا، وبمبلغ يعادل 18 تريليون دولار. بعض المشاكل هي مجرد مقدمة للنجاح الكبير.