مازلت إلى اليوم وفي هذا العمر أقرأ الأمثال، أجد فيها المتعة والحكمة، لكني لا أقرأها إلا للمتعة، فالحكمة موجودة، ليس عندي بالطبع، بل في مكان سواء بالأمثال أو الكتب وعلى الألسنة، لكن من يستفيد من الحكمة هو المستعد لها بتواضعه ورغبته في التعلم. اليوم اخترت مجموعة من الأمثال العالمية، أبدأها بمثل يوناني (الكلمات مرآة العقل) اتفقت الشعوب أن اللسان والكلمات يحددان مصير الإنسان، لكن الإنسان بطبعه يحب الكلام. الأسبان ينصحون بنسيان الماضي، خصوصًا إذا كان فيه ما يتعب النفس (من نظر للخلف كثيرًا، تعثر في طريقه). في الصين حكمة ترى في التجربة أهمية تفوق التفكير الجيد (العقل زينة، لكن التجربة تاجه). في البرازيل مثل يوازي المقولات التي ترى في الرحلة أهمية لا تقل عن أهمية بلوغ الهدف (من استعجل النتيجة، ضيّع المتعة) تمنيت لو قرأت المثل البرازيلي في بدايات الشباب، عندما قرأته للمرة الأولى كانت التجارب قد علمتني المثل. في الأوقات السهلة الكل يبدو كريمًا وشجاعًا وخلوقًا، اليابانيون عندهم مثل مهم في معرفة أطباع الناس الحقيقية (لا تُختبر الشجاعة في الأوقات السهلة). مثل ياباني آخر عن قوة الحب، وما يصنعه في قلب حامله (القلب الذي يعرف الحب لا يعرف الخوف) أتفق جدًا مع المثل، لأن الحب يعطي القلب شجاعة العطاء والتضحية. لدى سقراط مقولة من كلمتين تحولت إلى مثل شهير، ووصية يوصيها الحكماء للناس (اعرف نفسك) ربما يكون المثل من أكثر الأمثال فائدة للإنسان، لأن معرفة الإنسان لنفسه معرفة لحدوده. مثل صيني لا يقل حكمة عن مثل سقراط (الهدوء قوة). في الهدوء قوة لا يعرفها الحمقى الذي يرون في الهدوء ضعفًا واستسلامًا. في السويد تم التفريق بين الذكاء والحكمة (الذكاء دون حكمة كالسفينة دون دفة) هذا ما يفسر لنا لماذا يفشل بعض الأذكياء! أخيرًا هذا المثل اللاتيني عن قوة الاستمرار (النهر يقطع الصخر ليس بقوته، بل باستمراره).