كان يقال عن الذي لا يقرأ ولا يكتب بأنه غير متعلم، وبالتالي لا يحصل على وظائف ممتازة، لكنه يعمل بوظيفة بسيطة لا تتطلب القراءة والكتابة. اليوم أصبح الذي لا يعرف استخدام التطبيقات والأجهزة الإلكترونية متأخر، لكن حالته أصعب من الذي لم يكن يقرأ، لأن حياة اليوم أصبحت مرتبطة بالتطبيقات ارتباطًا كبيرًا، لذلك صار يشعر بتغير الزمن السريع على حياته. أنا واحد من هؤلاء المتأخرين، وأشعر بأن الزمن فرض أشياءً لا أحبها، لأنها لا توافق طبيعتي. أذا أردت شراء منتج أحب معاينته، والتحدث مع البائع، أفضّل الذهاب إلى البنك والتحدث مع الموظف، واختيار تذكرة السفر من مكتب السفر وليس من التطبيق. آخر مرة ذهبت فيها للبنك قال لي الموظف: لا تتعب نفسك بالقدوم لإنجاز معاملاتك فكل ما تحتاجه موجود في التطبيق، نفس الشيء قاله لي موظف السوبر ماركت عارضًا توصيل الطلبات بعد اختيارها من التطبيق. حتى موظف حجوزات الطيران قال لي إن الحجز عبر التطبيقات أسهل وأرخص، متناسيًا المرات التي ضحكنا فيها سويًا، وأسئلة الاطمئنان التي نتبادلها لمعرفة أحوال بعضنا! ما حصل أن ما غيرته التقنية ليس مناسبًا للجميع، قد يكون مناسبًا للأكثرية، لكن التقنية لم تلتفت لأولئك الذين يحبون الحياة التي تعتمد على التواصل الإنساني، التقنية سهلّت الإجراءات واختصرت الوقت، لكنها لم تنصف أصحاب الحالات التي تحتاج إلى التحدث مع الموظف على سبيل المثال، شركات عالمية لا يرد فيها إنسان على اتصالك، لأنها تعتمد كليًا على الرد الآلي. اتصلت على شركة تجارية عشرات المرات خلال أيام، كنت بحاجة للتحدث مع الموظف، لأن الخيارات المقدمة من الرد الآلي لا تشمل ما كنت أريده، في اليوم الرابع وبعدما اخترت تحويلة بشكل عشوائي استطعت التحدث مع موظف بالصدفة!. ليست كل التقنية في مصلحة الإنسان، بعضها يختصر الوقت لكنها تحرمنا من لقاء البشر والتحدث معهم، حتى تطبيقات السوشال ميديا واليوتيوب وكل ما فيها من فوائد، هي نفسها التي عزلتنا، وأفقدتنا جمعة الأهل والأصدقاء حول التلفزيون.