أحمد الحامد⁩
سحر التكرار
2025-11-20
التكرار مفتاح الإتقان، حتى أولئك الذين بدا أنهم لن يجيدوا عملهم الجديد، أصبحوا ممتازين عندما كرروا ما بدأوا فيه. أتذكر يوم حضر أحد المتدربين الجدد لتنفيذ البرامج الإذاعية، شاهد الأجهزة وأزرار التشغيل والأضواء الملونة، قال منذ الساعة الأولى إنه لا يصلح لهذا العمل المليء بالمسؤولية والدقة، وأراد الانسحاب فورًا، قال له أحد الزملاء: لا تحكم على الأمور مبكرًا، كرر ما سيقوله لك المدرب وانتظر النتيجة. بعد أقل من ثلاثة أشهر بقليل صار أفضل منفذ برامج إذاعية على الهواء، وأصبحنا نطلبه بالاسم لبعض البرامج التي تتطلب الانتباه الشديد. أحد اللاعبين كان يجيد اللعب بقدميه الاثنتين، سألته: كيف تجيد اللعب بقدميك الاثنتين دون أن تكون واحدة أقوى من الأخرى؟ قال إن قدمه اليسرى كانت ضعيفة للدرجة التي أضعفته كلاعب، قرر في يوم ألا يلمس الكرة بقدمه اليمنى إلا في المباريات، أما في التمارين فلن يلعب إلا باليسرى، كان مستواه في التمارين ضعيفًا في البداية، ومع الأيام أصبحت قوة قدمه اليسرى لا تختلف عن اليمنى، ارتفع مستواه بذلك التطور كثيرًا. أعتقد أن الكثير من البشر يظلمون قدراتهم المخفية عندما لا يعطونها حقها في التجارب المكثفة، إما خوفًا أو كسلًا، أو اعتقادًا أنهم لا يملكون القدرة. لو راجعنا نجاحات بعض الممثلين الذين دخلوا المجال صدفة، لوجدنا أن الصدفة أتاحت المجال لموهبة التمثيل الخفية بالظهور، ومع التكرار تطورت ولمعت موهبتهم. أحد الطباخين العرب ممن التقيتهم في لندن قال إنه لم يطبخ يومًا عندما كان في بلده ومع عائلته، لكنه عندما أقام في لندن بدأ مضطرًا لإعداد الطعام لنفسه، ثم لمن تعرف عليهم وأصبحوا أصدقائه، تعلم 3 طبخات وكررها عشرات المرات حتى أجادها بشكل جلب له الإطراءات، ثم كانت الطبخات الثلاث هي بوابة عمله في أفضل مطاعم لندن العربية. لم يكن ليعرف أنه يملك مهارة الطبخ لو لم يعطِ نفسه الفرصة ليكتشفها، ولن يجيد العمل لو أنه لم يكرره كثيرًا. كم من عمل متقن بدأ ضعيفًا وصاحبه مرتبكًا، لكنه كرر ما فعله كثيرًا حتى أصبح مُعلمًا!