ريمونتادا ورقصة وفضيحة ومعجزة.. حلقات مسلسل تشيلسي وبرشلونة

جون تيري لاعب تشيلسي في صراع على الكرة مع ليونيل ميسي لاعب برشلونة خلال مواجهتهما عام 2009 (أرشيفية)
الرياض ـ الرياضية 2025.11.25 | 04:31 pm

ارتبطت مباريات فريق تشيلسي الإنجليزي الأول لكرة القدم ومنافسه برشلونة الإسباني في الأذهان بمشاهد خالدة من ملاحم متنوعة دارت بين العملاقين على صعيد مسابقة دوري أبطال أوروبا التي تُجدِّد نزالهما الثلاثاء، ضمن مرحلة الدوري.
منذ بدء مسلسل صراعهما في هذه البطولة لم تكفّ مواجهاتهما عن التحليق بمتابعيها إلى أقصى درجات الإثارة والتشويق، فالمشجع القديم لا يُمكنه نسيان «ريمونتادا» برشلونة 2000، ولا هدف رونالدينيو السينمائي 2005، ولا لحظة انفجار الناشئ ميسي وتمزيقه دل أورنو في 2006، ولا ما يصفه أنصار تشيلسي بـ «فضيحة أوفريبو» 2009، ولا معجزة الـ 10 لاعبين أمام كتيبة «بيب» 2012، وغيرها من المشاهد التي طبعت تاريخ الصدام بين العملاقين.
واحتضن ملعب «ستامفورد بريدج»، معقل تشيلسي، أولى المواجهات، في إياب ربع نهائي نسخة 2000. وخلال 8 دقائق فقط، بين الدقيقتين 30 و38، صعق المضيف الكتالان بثلاثية، لكن في الشوط الثاني استطاع البرتغالي لويس فيجو إحراز هدف لبرشلونة أبقى الأمل قائمًا قبل مباراة العودة.
وعلى ملعب «كامب نو» التاريخي في برشلونة، سجل أصحاب الضيافة هدفين خلال الشوط الأول من لقاء العودة كانا كافيين للعبور، لكن المهاجم النرويجي توره أندريه فلو، الذي أحرز ثنائية ذهابًا، قلص الفارق وأشعل أعصاب 80 ألفًا غصّت بهم المدرّجات، وظلّت النتيجة على حالها حتى الدقيقة 83 عندما سجّل داني جارسيا هدفًا أرسل القمة إلى وقتين إضافيين.
وفي الوقت الإضافي الأول أنهى برشلونة المهمة بهدفين سجلهما البرازيلي ريفالدو «ركلة جزاء» والهولندي باتريك كلويفرت ليعبر الفريق إلى نصف النهائي.
ومع وصول المدرب البرتغالي الشهير جوزيه مورينيو إلى مقعد قيادة تشيلسي صيف 2004 تصاعدت حرارة هذه القمة إلى الذروة، في ظل رغبة «سبيشل وان» إثبات فاعلية كرته الواقعية أمام النهج التقني المعروف لبرشلونة.
وجسّدت مباراة ذهاب ثمن نهائي الأبطال في 23 فبراير 2005 ذلك التباين بين المدرستين، فطوال 90 دقيقة لم يسدد لاعبو تشيلسي أي كرة بين القائمين والعارضة، ومع ذلك تقدموا بهدف عكسي، وتحمّل التشيكي بيتر تشيك، حارس مرماهم، عبء الطوفان الهجومي لبرشلونة الذي صوّب 13 كرة، بينها 8 على المرمى، وفاز بصعوبة بالغة «2ـ1».
ولم يكف ما حدث في الملعب مورينيو، وقرَّر توسيع نطاق المعركة عبر تصريحات تلت اللقاء، باتهامه للحكم السويدي أندرس فريسك بمقابلة الهولندي فرانك ريكارد، مدرب برشلونة، بين الشوطين، ملمحًا لتأثير ذلك اللقاء على قرارته خلال الشوط الثاني الذي شهد طرد الإيفواري ديدييه دروجبا، مهاجم تشيلسي، ببطاقة صفراء ثانية.
وأجَّج التصريح احتقان أنصار تشيلسي ضد الحكم وسرّبوا إلى هاتفه الشخصي تهديدات بالقتل له ولأسرته، فاضطر السويدي، في أوج مسيرته، إلى إعلان اعتزاله خوفًا على حياة عائلته، ولم يعد إلى الملاعب مجددًا.
وبعد أسبوعين استضاف الفريق الإنجليزي مباراة العودة في لندن، وبأسلوب الصدمة ذاته كما حدث عام 2000 سجّل «الزرق» 3 أهداف بين الدقيقتين 8 و19، وبدا أن مهمتهم أنجزت، لكن البرازيلي رونالدينيو، نجم برشلونة، أحرز هدفين قبل انتهاء الشوط الأول، أولهما من علامة الجزاء، والآخر بتسديدة رقص فعليًا قبل إطلاقها على الكرة.
وبقيت بطاقة التأهُّل مؤقتًا بحوزة برشلونة حتى الدقيقة 76 عندما أحرز المدافع جون تيري هدفًا رفع نتيجة تقدم تشيلسي إلى 4ـ2 لتتحول تذكرة العبور إلى الفريق الإنجليزي.
وعاد الفريقان إلى «ستامفورد بريدج» لخوض ذهاب ثمن نهائي نسخة 2005ـ2006. ويومها قرر ريكارد، مدرب برشلونة، إشراك الصاعد الأرجنتيني ليونيل ميسي من البداية في مركز الجناح الأيمن.
قبل المباراة، كان يُنظر لميسي باعتباره شابًا موهوبًا، أمّا بعدها فأيقن الجميع أنه سيكون النجم الأول في ملاعب كرة القدم لما فعله بالإسباني أسيير دل أورنو، ظهير أيسر تشيلسي، الذي عاش كابوسًا أمام مهارات الأرجنتيني انتهى بطرده في الدقيقة 37 بعد تدخل عنيف على اللاعب الناشئ.
ورغم النقص، تقدم تشيلسي، ثمَّ قلب برشلونة النتيجة 2ـ1 ليخوض مباراة الإياب منعمًا بأفضلية الانتصار ذهابًا.
وعلى ملعبه اكتفى الفريق الإسباني في لقاء العودة بهدف واحد، عادله الضيوف خلال الوقت المحتسب بدلًا من الضائع عن طريق ركلة جزاء، وكان هذا التعادل كفيلًا بعبوره إلى ربع النهائي.
وخلال الموسم التالي تقابل الفريقان مرتين في دور المجموعات، وفاز الفريق اللندني ذهابًا على ملعبه 1ـ0 بهدف لافت لدروجبا، وتعادلا إيابًا 2ـ2 وصعدا سويًا.
وانتهت حقبة مورينيو مع تشيلسي بدايات الموسم التالي «2007ـ2008»، لكن الصراع بين الفريقين لم يتوقف، وحدثت حلقته الأشهر في إياب نصف نهائي نسخة 2008ـ2009 بعد تعادلهما ذهابًا على ملعب «كامب نو» من دون أهداف.
وأمام نحو 38 ألف متفرج ازدحمت بهم مدرجات «ستامفورد بريدج» تقدم «البلوز» بتسديدة مذهلة للغاني مايكل إيسيان في الدقيقة التاسعة، وبعدها تحول الملعب إلى ساحة لقرارات تحكيمية مثيرة للجدل من النرويجي توم هينينج أوفريبو.
ورفض أوفريبو مطالبات لاعبي تشيلسي باحتساب 3 ركلات جزاء، وطرد الفرنسي إيريك أبيدال، ظهير أيسر برشلونة، في الدقيقة 66 ببطاقة حمراء مباشرة، ومع كل هذه الأحداث ظلت النتيجة دون تغيير، وربما كان سيسكت الجميع عن قراراته لولا هدف تعادل صاعق للزوار سجّله نجمهم الإسباني أندريس إنيستا في ثالث دقائق الوقت المحتسب بدلًا من الضائع.
وبسبب ذلك الهدف أصبح تشيلسي هو الطرف الخاسر، لذا بدأ لاعبوه مسابقة الزمن لإنقاذ بطاقة الصعود، وكاد يتحقق مبتغاهم من تسديدة للألماني مايكل بالاك اصطدمت بمهاجم برشلونة الكاميروني صامويل إيتو، وهاج الأول مطالبًا الحكم باحتساب ركلة جزاء، بحجة ارتطام كرته بذراع منافسه، ورفض النرويجي مطالباته وأمر باستئناف اللعب لتنتهي المباراة 1ـ1، ويودّع الزرق البطولة.
وبعد المباراة مباشرة، وجّه دروجبا عبارات نابية إلى أوفريبو، وأطلق زميله البرتغالي جوزيه بوسينجوا تعليقات نارية ضد الحكم أيضًا، وتعرضا بسبب ذلك للإيقاف تأديبيًا، كما غُرِّم جمهور فريقهما لرميه مقذوفات على أرض الملعب.
وأتيحت لتشيلسي فرصة الثأر من برشلونة ومدربه الإسباني بيب جوارديولا في الدور ذاته من نسخة 2011ـ2012، خاصة بعد انتصار اللندنيين ذهابًا على ملعبهم بهدف لدروجبا.
وفي العودة، بدا السيناريو مخالفًا لأماني الكتيبة الإنجليزية التي وجدت نفسها متأخرة بعد 43 دقيقة، بهدفين، توسّطهما طرد مدافعها جون تيري.
ورغم النقص، استطاع البرازيلي راميريز، لاعب وسط تشيلسي، إحراز هدف ينم عن مدى براعته الكروية في الوقت بدل الضائع من الشوط الأول، لتعود البطاقة لحظيًا إلى حوزة فريقه.
ومع انطلاقة الشوط الثاني حصل برشلونة على ركلة جزاء، وتقدم لتسديدها ميسي قاصدًا الإجهاز على أحلام الفريق الزائر، لكن العارضة تكفلت بإبعادها، وحاول بعدها الكتالان إحراز هدف التأهل وشددوا ضغطهم مع اقتراب المباراة من نهايتها، وتركوا خلفهم مساحات شاسعة استغلها الإسباني فيرناندو توريس، مهاجم تشيلسي، وانفرد بالمرمى من منتصف الملعب في الوقت المحتسب بدلًا من الضائع، ووضع الكرة داخل الشباك مؤكدًا عبور الإنجليز، ومسدلًا الستار على حقبة «برشا بيب».
وتعود آخر حلقات المسلسل إلى ثمن نهائي نسخة 2017ـ2018، وآنذاك لم يبد تشيلسي مقاومة، على غير العادة، وأفسح الطريق لدور الـ 8 أمام العملاق الإسباني بتعادل 1ـ1 في إنجلترا، ثم خسارة 0ـ3 على أرض «كامب نو».