صالح الطريقي
«دوستويفسكي ورونالدو» والمسعورون
2025-11-26
في عام 1866م نشر الروائي الروسي «دوستويفسكي» روايته «الجريمة والعقاب»، وجعل بطله «راسكولينكوف» يحلم حلمًا بدا خيالًا لا يمت للواقع.
وكان الحلم يتحدث عن طفيليات جاءت من الفضاء، لتسكن أجسام البشر، فجعلتهم مجانين ومسعورين، لكنهم يعدون أنفسهم على ذكاء عظيم، لم يزعمه البشر لأنفسهم من قبل.
ويعتقدون أنهم معصومون من الزلل، ولا يخطئون بأحكامهم وتفسيراتهم ومبادئهم الأخلاقية.
وأنَّ مدنًا ودولًا بكاملها انتشرت فيها هذه العدوى وفقدوا عقولهم، وأصبح الأفراد يعيشون حالة جنون، لا يفهم بعضهم بعضًا، وكل منهم يؤمن بأنه مالك الحقيقة الأوحد.
ولهذا لا يستطيع الناس أن يتفاهموا على ما ينبغي أن يعد شرًا، وما ينبغي أن يعد خيرًا، فيدين البعض الحالة، ويبرئ البعض نفس الحالة.
ويكمل: «الرعب يستبد بجميع المخلوقات، وما من أحد يستطيع أن يتفق مع أحد، هنا وهناك يجتمع أناس، يشكلون جماعات ويتفاهمون على القيام بعمل مشترك، متعاهدون بأغلظ الإيمان على ألا يفترقوا قط، ولكنهم ما يلبثوا أن يشرعوا في شيء لا يمت بأي صلة إلى ما عقدوا النية عليه.
ثم لا يلبثون أن يأخذوا في التراشق بالتهم، فتشتعل الحرائق وتمتلئ الشوارع بالجماجم والدماء، كل شيء يصيبه الدمار، وجميع الناس تقريبًا يهلكون، والبلاء ما ينفك يشتد قوة ويتسع مدى...».
هذا الخيال الخصب للروائي إن استبعدنا من حلمه كلمة «طفيليات»، واستبدلناها بـ«الإنترنت»، لبدا حلمه نبوءة.
لن أتحدث عما حدث ويحدث من حروب بين «دون كشتات الإنترنت» في السياسية والدين، بل عن حرب أغبى بسبب هدف جميل سجَّله «رونالدو» بفريق الخليج.
وبدل أن يتمتعوا بهذا الجمال، خاضوا حروبًا «إنترنتية» لتشويه جمال الهدف، فيما هم يزعمون أنهم عشاق للجمال.
وبما أني بدأت المقال بالحلم/ النبوءة سأختم فيه، فـ«دوستويفسكي» لم يقتل الأمل إذ ختم حلمه/ نبوءته قائلًا:
«ولا ينجو من البلاء إلا عددٌ قليل من الناس، هم الأنقياء الذين كُتِب عليهم أن ينشئوا جنسًا جديدًا، وأن يقيموا حياةً جديدة، وأن يجدّدوا الأرض ويطهّروها من الجثث».