في الثمانينيات عندما ظهرت الأغنية القصيرة، قال المغنون والملحنون حينها إن زمننا هو زمن السرعة، والناس لا وقت لديها للاستماع للأغاني الطويلة، قبلها بقليل انتشرت مطاعم الوجبات السريعة، أيضًا قيل إن الناس ليس لديها الوقت للجلوس في انتظار تحضير الطعام الطازج. الصناعات الإلكترونية صارت الآلة تنتجها بسرعة أفقدتها جمال تفاصيلها، كان كل شيء يتم بسرعة، لكن لا أحد فسر لنا سبب الاستعجال، وإن كان البشر يستعجلون من أجل الوصول سريعًا إلى شيء ما. استمرت فكرة أن الزمن اليوم هو زمن السرعة إلى يومنا هذا، ظهرت تطبيقات التواصل الاجتماعي بديلًا للصحف الورقية، أصبحت الأخبار عناوين دون تفاصيل، لأن الناس لا وقت لديها للقراءة الطويلة، حتى البرامج المصورة أصبحت قصيرة، لأن الناس تحب الاختصارات، لم يقل لنا أحد من قال إن الناس لا يحبون القراءة والمشاهدة الطويلة، وما الذي يدعوهم للاستعجال في كل شيء؟! لم أجد أي شيء يُصنع بسرعة له قيمة عالية، سبب ارتفاع أسعار بعض الساعات لأن عملية إنتاجها تتطلب وقتًا طويلًا، الساعات الرخيصة تنتجها الألة بالآلاف كل ساعة، أجمل السجاد تصنعه الأيادي طوال شهور وربما سنوات، لكنها تتحول إلى تحف فنية، الأثاث الأنيق المتين تمر صناعته بمراحل، لكنه يعّمر عشرات السنين، أجمل الروايات والأعمال الأدبية أخذت وقتها الكافي لتصل إلى القراء، بعض الروايات والسيّر كتبت في سنوات، لكنها أصبحت أعمالًا خالدة. لا أذكر اسم الفنان الذي قال إن عبد الحليم ما زال ينافس كل الفنانين الذين ظهروا بعد وفاته، بعض أغاني عبد الحليم أخذ إعدادها ما يقرب العام، لكننا ما زلنا نسمعها بشكل دائم بينما نمل سريعًا من معظم الأغاني الجديدة. أعتقد أن حكاية «زمن السرعة» هي خطة لتمرير الرديء، ولخلط المتميز مع العادي.