أحمد الحامد⁩
المبتكر الخفي..!
2025-12-08
النسيان رفيق الإنسان، وكلمة ضمن الكلمات الأكثر استخدامًا في أيامنا، وصف بـ «آفة العلم» عندما تنسى ذاكرتك ما تعلمته وحفظته، ووصف بـ «النعمة» لأنه يخفف حزن المشاعر والآلام. يحضر في الأشعار والأغاني والحكايات والرسائل والعتاب، وله وجه آخر قل ما أخذ حقه فهو شريك رئيس في العديد من الابتكارات. في منتصف القرن التاسع عشر نسي صانع الشوكولاتة رودلف ليندت آلة مزج الشوكولاتة تعمل طوال الليل في الصباح وجد الشوكولاتة أصبحت ناعمة تذوب في الفم، كانت تلك هي المرة الأولى التي تصبح فيها الشوكولاتة بالشكل الذي نعرفه، وبالطعم الذي لا نقاومه. هكذا وبمساعدة النسيان ظهر ابتكار الشوكولاتة التي نعرفها قبل نسيان رودلف كانت صلبة قاسية، ولم تكن تحظى بهذه الشعبية، صدقوني إذا عددتم جماليات الحياة فستكون الشوكولاتة واحدة منها، رأي شخصي نعم لكنه مستند على طعم لا يقاوم. النسيان شريك رسمي في ابتكار الصور المطبوعة على الورق، في العام 1835 كانت الصور باهتة الألوان، بمعنى آخر كانت غير عملية، لأن طريقة التحميض كانت بدائية، حتى جاء اليوم الذي نسي فيه «لويس داجر» لوحًا وضع عليه بعض الصور لتحميضها، لويس نسي اللوح خارج غرفة التحميض، وفي اليوم التالي وجد أن الصور أصبحت واضحة، بسبب تعرضها الكافي لأشعة الشمس، ليصبح النسيان شريكًا رئيسًا في تغيير عالم التصوير . ابتكار آخر أسهم فيه النسيان سهّل الحياة للبشر، فبدلًا من الطريقة البدائية لإشعال النار، صار بإمكان الإنسان وعبر عود كبريت صغير أن يشعل مدفأته، ويطبخ طعامه، كان الكيميائي جوون ووكر قد نسي مادة كيميائية لاصقة على رأس عصا خشبية، عندما أعاد حكها بالصدفة على الأرض اشتعلت، كان ذلك الاشتعال الأول وولادة عود الثقاب. النسيان كائن شريك للإنسان، يحب أن تتعامل معه باعتدال، لا تعتمد عليه كليًا فتفقد ذاكرتك، ولا تهمله فتتراكم عليك الضغوط والذكريات.