حبشي الشمري
لعبة لا يعرفها المشجع
2025-12-12
حضرتُ قبل عدة أسابيع نهائي بطولة موسم الرياض للسنوكر، وكان طرفاها الصيني تشاو شينتونج المصنف العاشر دوليًا والأسترالي نيل روبرتسون الثالث دوليًا، أبهر فيها الشاب الصيني الجمهور بأداء رائع، تُوّج ذلك بحصول مستحق على لقب البطولة.
بعد اللقاء مباشرةً سألتُ مشجعين صينيين عن رؤاهم بشأن الفوز، وما لفت انتباهي هو أن عديدًا منهم إما أنهم ليسوا من متابعي لعبة السنوكر، أو أنهم لا يعرفون كثيرًا عن مواطنهم الذي ظفر بالبطولة، لكنهم مسرورون للغاية بأنه حققها في السعودية من أمام أباطرة اللعبة.
وقبل نحو عام، التقيتُ هنري موريس «Henry Moores» وهو مؤثر إنجليزي في منصة إنستجرام، فأشار لي أنه يزور السعودية للمرة الأولى؛ خصيصًا من أجل نهائي الملاكمة بين أوليكساندر أوسيك وتايسون فيوري، الذي أقيم في الرياض.
أشار لي حينها أن عديدًا من متابعيه كانت لديهم شكوك بشأن رحلته، بيد أنه قال: «أعتقد أن المحتوى الخاص بي أظهر بوضوح مدى روعة السعودية».
في كتابه «ملتزمون بالقيادة»؛ وصف جوزيف ناي القوة الناعمة بأنها قدرة الدولة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية والاستمالة بدلًا من الإكراه.
لقد أضحت الرياضة أداة تغيير ورسالة، وليست مجرد ترفيه، ويمكن لها أن تكسر الصورة النمطية القديمة وتُقدم الصور الفعلية للدول وشعوبها.
وتحولت إلى أداة أساسية للدبلوماسية الناعمة، قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي بشكل أسرع وأعمق من الطرق التقليدية، ناهيك عن أن القطاع الرياضي يعد محركًا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية وتحسين جودة الحياة للسكان من مواطنين ومقيمين.
إن الاستضافة الممنهجة لعديد من البطولات يمكن أن تسهم في التقديم الأمثل للهوية السعودية الغنية والمتنوعة كالفنون والعادات والأكل، والملابس الوطنية إلى العالم، بدلًا من اقتصار البطولة على المنافسة الرياضية فحسب.
كما أن التعاقد مع النجوم العالميين في الألعاب المتنوعة؛ قد يجعلهم سفراء غير رسميين للبلد الذي يزورونه أو يستقرون به بعض الوقت، وذلك من خلال تصويرهم وحديثهم لمتابعيهم حول العالم، ليومياتهم في هذا البلد أو ذاك.
لقد ارتبط مفهوم الدبلوماسية ردحًا من الزمن بجهات معينة، مثل وزارة الخارجية التي يُنظر إليها بصفتها معنية بذلك؛ بحكم أدوارها التقليدية. لكن اليوم، يبرهن القطاع الرياضي في المملكة على أنه شريك استراتيجي ودور لا يمكن إغفال قدرته على تحقيق مستهدفات وطنية نوعية، من خلال بناء جسور التواصل الثقافي وتقديم صورة المملكة الحديثة والمشرقة للعالم.