أمم إفريقيا.. «المشعوذ» يظهر ونيجيريا تنسحب
ارتأى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم رفع عدد المشاركين في نهائيات كأس الأمم من 12 إلى 16 منتخبًا، وقد نابت جنوب إفريقيا عن كينيا في استضافة نهائيات 1996 بعد اعتذار الأخيرة لصعوبات مالية.
لم يكتب للبطولة أن تلعب بمشاركة 16 منتخبًا، لأن نيجيريا حاملة اللقب رفضت التوجه إلى جوهانسبرج، زاعمة بأن الأمن ليس متوفرًا هناك، فخسرت البطولة منتخبًا عريقًا كان بلغ الدور الثاني من كأس العالم في الولايات المتحدة 1994.
وكان جزاء نيجيريا استبعادها من قبل الاتحاد الإفريقي لمدة أربعة أعوام، فغابت عن بطولتي 96 و98 في بوركينا فاسو، قبل أن تعود إلى الأسرة الإفريقية وتنال شرف الاستضافة مع غانا لبطولة العام 2000، بدلًا من زيمبابوي التي استبعدت لتأخر الاستعدادات لاستضافة البطولة.
وعُرض على غينيا الحلول بدلًا من نيجيريا، بعد أن كانت الأفضل من بين عدم المتأهلين، لكنها رفضت لعدم استعدادها بشكل كافٍ.
وخالف المنتخب الجنوب إفريقي، مدعومًا من أنصاره وعلى رأسهم رئيس البلاد في ذلك الوقت نيلسون مانديلا، التوقعات بإحرازه اللقب بتغلبه على تونس 2ـ0 في المباراة النهائية، وهو الذي كان يشارك في النهائيات للمرة الأولى بعد عودته إلى الساحة الرياضية إثر غياب طويل بسبب سياسة التمييز العنصري التي كان ينتهجها.
على ملعب «سوكر سيتي» أمام ثمانين ألف متفرّج، انتظر منتخب «بافانا بافانا» حتى آخر ربع ساعة ليسجّل هدفي الفوز عبر مهاجمه مارك وليامس في شباك الحارس شكري الواعر، بحضور الرئيس العائد إلى الحرية مانديلا مرتديًا قميص منتخب بلاده.
آنذاك ضمّت تشكيلة تونس جيلًا ذهبيًا مع الواعر، الهادي بالرخيصة، خالد بدرة، رياض البوعزيزي، قيس الغضبان، زبير بية، عادل السليمي ومهدي بن سليمان، بقيادة المدرب البولندي هنري كاسبرجاك.
وبلغت الجزائر الدور ربع النهائي وخسرت أمام جنوب إفريقيا 1ـ2، ومصر بلغت الدور عينه وخسرت أمام زامبيا 1ـ3.
16 منتخبًا
كُتب أخيرًا للبطولة أن تجرى بمشاركة 16 منتخبًا، وكانت بوركينا فاسو صاحبة الضيافة للمرة الأولى عام 1998.
دخل منتخب مصر تاريخ الكأس من بابها الواسع، بعدما بات ثاني منتخب بعد غانا يحرز اللقب أربع مرات منذ انطلاق البطولة عام 1957.
ولم يكن فوز «الفراعنة» متوقعًا، خاصة بعد خسارتهم في الدور الأوّل أمام المغرب، أحد أبرز المرشحين للفوز بالبطولة بالنظر إلى تشكيلته المحترفة بمعظمها في أوروبا.
وأحرزت مصر اللقب بفوزها على جنوب إفريقيا 2ـ0 في المباراة النهائية بهدفي أحمد حسن وطارق مصطفى.
وجاءت الكونغو الديمقراطية ثالثة بتغلبها على بوركينا فاسو بركلات الترجيح 4ـ1 بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بتعادل مثير 4ـ4، بعدما كانت بوركينا فاسو متقدمة 4ـ1 قبل خمس دقائق من نهاية الوقت الأصلي.
وتوّج حسام حسن قائد منتخب مصر وبينيديكت ماكارثي مهاجم جنوب إفريقيا هدافَيّن للبطولة برصيد 7 أهداف لكل منهما، واُختير الثاني أفضل لاعب.
وأبهر أصحاب الأرض بعروضهم الرائعة ونديتهم الكبيرة بقيادة المدرب الفرنسي فيليب تروسييه الملقب بـ«المشعوذ الأبيض»، حيث بلغوا الدور نصف النهائي قبل أن يخسروا أمام مصر 0ـ2 بهدفي حسام حسن.
كان المدرّب التاريخي محمود الجوهري يتعرّض لضغوط آنذاك، لغياب النتائج منذ التأهل لمونديال 1990. أطلق المدرب العائد تصريحًا صادمًا قبل النهائيات في ظل حملة التشكيك «لا أعد الجماهير بأي شيء. تصنيف المنتخب في البطولة في المركز الثالث عشر».
في حين أثار تصريحه جدلًا واسع النطاق، رفع الجوهري الضغوط عن لاعبيه وقادهم إلى اللقب حيث برز حسام حسن وأحمد حسن، وهاني رمزي وسمير كمّونة ومحمد عمارة وعبد الظاهر السقا وحازم إمام.
وخرج المغرب الذي كان أحد أبرز المرشحين لإحراز اللقب، من الدور ربع النهائي لخسارته أمام جنوب إفريقيا 1ـ2، وتونس من الدور عينه لسقوطها أمام بوركينا فاسو بركلات الترجيح 7ـ8 «الوقتان الأصلي والإضافي 1-1»، في حين خرجت الجزائر من الدور الأوّل لخسارتها أمام غينيا 0ـ1، وأمام بوركينا فاسو 1ـ2 والكاميرون 1ـ2 أيضًا.
عدوى التنظيم المشترك
بعد اختيار كوريا الجنوبية واليابان لاستضافة نهائيات كأس العالم عام 2002، وبلجيكا وهولندا لاحتضان نهائيات كأس أوروبا 2000، انتقلت عدوى التنظيم المشترك إلى القارة السمراء، بعدما وقع اختيار الاتحاد الإفريقي على نيجيريا وغانا لاستضافة نهائيات النسخة الثانية والعشرين مطلع العام 2000.
لم يكن واردًا أن يلجأ الاتحاد الإفريقي إلى فكرة التنظيم المشترك وفي الدورة الثانية والعشرين بالذات، لأنه كان منح سابقًا شرف احتضان العرس الإفريقي إلى زيمبابوي، بيد أنه عاد وسحب منها الاستضافة في 8 فبراير 1999 بسبب تأخر بدء الأعمال في الملاعب.
استضافت غانا المباراة الافتتاحية ونيجيريا النهائي الذي أحرزته الكاميرون بعد عروض جيّدة، خصوصًا في الأدوار الإقصائية.
بدأت الكاميرون النهائيات بتعادل مع غانا 1ـ1، ثم سحقت ساحل العاج 3ـ0، قبل أن تتعرّض لخسارة مفاجئة أمام توجو 0ـ1.
تخطّت الجزائر بصعوبة في ربع النهائي 2ـ0، ثم لقّنت تونس درسًا في نصف النهائي بثلاثية نظيفة، قبل أن تنتزع الكأس للمرة الثالثة في تاريخها بعد 1984 و1988 على حساب نيجيريا بفوزها عليها 4ـ3 بركلات الترجيح بعد التعادل 2ـ2 بهدفي صامويل إيتو وباتريك مبوما.
في المقابل، خيّبت غانا آمال جمهورها بسبب عروضها وخروجها من ربع النهائي، بخسارتها أمام جنوب إفريقيا 0ـ1.
ولم تسلم نيجيريا من انتقادات عشّاقها خصوصًا بعد عرضها السيئ أمام السنغال في ربع النهائي، عندما كانت قاب قوسين أو أدنى من توديع المسابقة، حيث تقدّمت السنغال 1ـ0 حتى الدقائق الأخيرة قبل أن تنتزع نيجيريا الفوز في الوقت الإضافي.
عربيًا، تألق المنتخب التونسي في البطولة وبلغ نصف النهائي حيث خسر أمام الكاميرون 0ـ3، قبل أن يخسر أمام جنوب إفريقيا 3ـ4 بركلات الترجيح «الوقت الأصلي 2-2» ليحل رابعًا.
وتوقفت مسيرة المنتخبين المصري والجزائري في الدور ربع النهائي، بخسارة الأوّل أمام تونس 0ـ1، والثاني أمام الكاميرون 1ـ2. أما المغرب، فخرج من الدور الأوّل بحلوله ثالثًا في مجموعة «الموت» خلف نيجيريا وتونس.
الاحتفاظ باللقب
احتفظت الكاميرون بلقبها عندما أحرزت نسخة 2002 في مالي، رافعة رصيدها إلى 4 ألقاب. وباتت ثالث منتخب يحقّق هذا الإنجاز بعد غانا ومصر.
فرضت الكاميرون نفسها في الدورة بتحقيقها 3 انتصارات متتالية في الدور الأوّل، ثم تغلّبت على مصر 1ـ0 في ربع النهائي، ومالي المضيفة 3ـ0 في نصف النهائي، قبل أن تهزم السنغال في النهائي بركلات الترجيح 3ـ2 «الوقتان الأصلي والإضافي 0ـ0».
وكانت المرة الثانية تواليًا تبتسم فيها ركلات الترجيح للكاميرون بعد نسخة 2000 في نيجيريا وغانا، عندما تغلّبت على النيجيريين في عقر دارهم.
وكانت السنغال مفاجأة البطولة ببلوغها المباراة النهائية متسلحة بمعنوياتها العالية، بعد حجزها بطاقة التأهل إلى المونديال للمرة الأولى في تاريخها.
عربيًا، تباينت النتائج، فكانت مصر الوحيدة التي تخطت الدور الأوّل قبل أن تخسر أمام الكاميرون 0ـ1 في ربع النهائي، فيما خرج المغرب والجزائر وتونس من الدور الأول. وحلّت نيجيريا ثالثة بفوزها على مالي المضيفة 1ـ0.
النسور يحلّقون
استضافت تونس النهائيات للمرة الثالثة عام 2004، فكانت ثابتة لأنها أعلنتها بطلة لإفريقيا للمرّة الأولى في تاريخها. وكانت المباراة النهائية عربية وجمعت تونس والمغرب فانتهت لصالح الأولى 2ـ1.
أخرج منتخب «نسور قرطاج» السنغال القوية من ربع النهائي بهدف جوهر المناري، ونيجيريا من نصف النهائي بركلات الترجيح 5ـ3 «1-1»، قبل أن يهزم المغرب 2ـ1 في المباراة النهائية، ليحقّق مدرّبه الفرنسي روجيه لومير إنجازًا نادرًا بجمع لقبين قاريين «كأس أوروبا مع فرنسا وإفريقيا مع تونس».
من جهته، أبهر المنتخب المغربي المتابعين بقيادة مدرّبه المحلي حارس مرماه الدولي السابق بادو الزاكي وبلغ المباراة النهائية عن جدارة واستحقاق، بتشكيلة من الشباب الواعدين المحترفين في أوروبا.
والتقى المغرب مع جارته الجزائر في ربع النهائي في مباراة مجنونة تقدّم خلالها الجزائريون في الدقيقة 84، بيد أن المغرب حوّل تخلفه إلى فوز 3ـ1 بعد التمديد.
وسحق المغرب مالي في نصف النهائي برباعية نظيفة، قبل أن يسقط في الامتحان الأخير أمام تونس بهدف ليوسف المختاري «38» مقابل هدفين للبرازيلي الأصل فرانسيليدو دوس سانتوس «5» وزياد الجزيري «52».
استذكر الجزيري تلك البطولة «اتفقنا أن كل لاعبي المنتخب نجوم سواء كانوا مشاركين في المباريات أو على دكة البدلاء، يحصلون على نفس المبلغ من المنح والامتيازات، فكنا جميعًا على نفس الدرجة من المساواة وهذا كان سر نجاحنا».
أما المنتخب المصري، فخرج من الدور الأوّل بعدما حلّ ثالثًا في مجموعته برصيد 4 نقاط بفوز على زيمبابوي 2ـ1 وخسارة أمام الجزائر 1ـ2، وتعادل مع الكاميرون 0ـ0.