خالد الربيعان
محمد صلاح.. بين الملعب والسوق
2025-12-14
عند الحديث عن محمد صلاح، فإن اختزاله في لاعب كرة قدم يُعد ظلمًا اقتصاديًا قبل أن يكون فنيًا. صلاح اليوم ليس نجمًا في نادٍ أوروبي فقط، بل حالة سوقية كاملة، تمثل أحد أكبر الأصول الرياضية العربية في التاريخ الحديث. لاعب يملك قاعدة جماهيرية محلية تتجاوز 120 مليون مصري، ويتكئ على عمق عربي واسع، ويمتد تأثيره إلى جمهور عالمي صنعه الدوري الإنجليزي، والنجاح المستمر، والصورة الأخلاقية التي رافقته لسنوات. هذه ليست أرقام إعجاب، بل قوة شرائية، وقيمة إعلامية وإعلانية، وأثر تسويقي كان يمكن وما زال أن يُدار بطريقة أكثر احترافية ونضجًا.
اقتصاديًا، محمد صلاح كان استثمارًا استثنائيًا لليفربول. النادي لم يربح أهدافًا وبطولات فقط، بل ربح أسواقًا جديدة، وزخمًا جماهيريًا غير مسبوق في الشرق الأوسط وإفريقيا. الحضور العربي للنادي تضاعف، نسب المشاهدة ارتفعت، المبيعات توسعت، وقيمة العلامة التجارية لليفربول استفادت من اسم لاعب تحول إلى رمز ثقافي واجتماعي قبل أن يكون رياضيًا.
لكن المشكلة لم تبدأ من الملعب، بل من خارج الخطوط. الأزمة الأخيرة مع ليفربول كشفت خللًا واضحًا في إدارة الملف التسويقي والاستثماري لمحمد صلاح. ليس لأن المطالب غير منطقية، بل لأن طريقة إدارة المطالب كانت أضعف من حجم اللاعب. الفريق التسويقي لصلاح تعامل مع لحظة حساسة بعقلية ضغط جماهيري لا بعقلية إدارة أصول.
اللاعب النجم يحتاج إلى صورة هادئة تُشعر السوق بالثقة. ما حدث خلق ضجيجًا أعلى من اللازم وأضر بصورة الاحترافية التي بُنيت عبر سنوات. الأندية الكبرى تستثمر في اللاعب كحزمة متكاملة، وأي ضعف في الإدارة الخارجية يرفع منسوب المخاطرة.
الأثر التسويقي لصلاح في العالم العربي لا يزال هائلًا، لكنه لم يُحوّل إلى منصة مستدامة طويلة الأمد. التركيز كان على اللحظة لا على المسار، وعلى رد الفعل لا على التخطيط.
أخيرًا محمد صلاح ما زال أصلًا عالميًا ضخمًا، لكن استدامة هذه القيمة مرهونة بإعادة بناء الفريق التسويقي حوله بعقلية استراتيجية تفهم أن النجومية لا تُدار بالعاطفة، بل بالرؤية.