أحمد الحامد⁩
هل محركات البحث بريئة؟
2025-12-15
علاقتي بشات جي بي تي أصبحت يومية، ربما يوم أو يومين لم أستخدمه طوال 3 أشهر، أقول 3 أشهر لأن العلاقة الحقيقية بدأت منذ هذه الفترة، حينها طرحت عليه أسئلة لم أكن أعرف لمن أوجهها، أو كيف أصل للشخص المؤهل للإجابة عليها. بعد ذلك بدأت أسأله عن كل شيء تقريبًا، عن بعض المصانع التي تصنع منتجات معينة، وأين أجد أفضل سعر، وأفضل المطاعم التي تقدم طعامًا معينًا، ومقولات للمشاهير، والقصص القصيرة لبعض الأدباء، وحياة بعض الرسامين، ونشأة الصناعات، والإحصائيات، والكثير من الأسئلة المختلفة. في الواقع.. معظم ما تعلمته حاليًا وخلال 3 أشهر هو نتاج المعلومات التي قدمها لي شات جي بي تي، هو من زودني بما اعتمدته وصدقته، هو بطريقة ما من تحكم بي بإرادتي، لأنه وفر المعلومات بسهولة وسرعة فائقة. على هذا يا جماعة وبعد مدة قصيرة نكون جميعًا قد امتلأنا بما أعطانا إياه المحرك الساحر، آراؤه ، استبياناته ، مقترحاته، سنكون نتاجه مثل نتاج أي مدرسة أو جامعة على سبيل المثال. شات جي بي تي أو أي محرك بحث آخر ليسوا أبرياء، جميعهم موجهون تجاريًا وفكريًا واجتماعيًا وسياسيًا، هم ببساطة يقدمون لنا ما أراده الصانعون أن يصل إلينا، وبذلك سنتأثر. اجتماعيًا صار شات جي بي تي وأمثاله يعطون الاستشارات الأسرية للزوجات، وماذا يفعلن تجاه تصرف أزواجهن، أو أبنائهن، ولا أعتقد أنه أعطى إجابات مبنية على المودة والرحمة، شاهدت بعض مقاطع الفيديو المنتشرة التي حض فيها شات جي بي تي المرأة على هجر زوجها، أو ثبَّت فكرة خيانة الزوج لهن بعد أن كانت مجرد شك في رأسهن. حتى في التاريخ تكتب محركات البحث الذكية الرواية التي يريد لها محرك البحث أن تكون الحقيقة وأن تنتشر. محركات البحث ليست مجرد مشاريع تجارية تقدم لنا المعلومات، بل أداة سيطرة بعيدة المدى، تملأ على العقل ما يرسخ فيه، هي أداة تغيير وصولاً للمواصفات التي أرادها صانعوا المحركات أن نكون عليها.