نابولي.. قصة بحّارة إنجليز رواها مُنقذ أرجنتيني
يعود فريق نابولي الأول لكرة القدم، للمشاركة في كأس السوبر الإيطالي، للمرة الثانية على الأراضي السعودية، وذلك عندما يحل ضيفًا على الرياض، العاصمة، بمواجهة ميلان في الدور نصف النهائي، مساء الخميس، مستهدفًا خطف لقبه الثالث تاريخيًا، إذ تُوّج بالثاني قبل 11 عامًا، فيما كان للقبه الأول في السوبر طعمٌ مختلف، كونه جاء بحضور الأرجنتيني دييجو أرماندو مارادونا، أعظم من ارتدى القميص الأزرق السماوي، وأحد أبرز أساطير اللعبة عبر التاريخ.
كتب مارادونا قصته الأجمل في الملاعب مع نابولي، والعكس صحيح، فالقصة الأقوى في تاريخ نابولي ككل كُتبت خلال حقبة مارادونا، الذي مثّل الفريق بين 1984 و1991، أي بعد محطّة متأرجحة مع برشلونة، وقبل دخوله إلى الأمتار الأخيرة الصعبة في مسيرته، فنابولي حقق 13 لقبًا رسميًا منذ ولادته قبل قرابة 100 عام، وجاء 5 منها تحت قيادة مارادونا.
وبالعودة إلى كتاب التاريخ، بدأت فكرة كرة القدم في نابولي، المدينة الواقعة في جنوب إيطاليا، عبر بحارة إنجليز أتوا باللعبة إليها مطلع القرن الماضي، لتشهد المدينة عدة أندية، إلى أن بصر نادي نابولي النور عام 1926، بعد دمج فريق حمل اسم إنترناسيونالي نابولي، وآخر باسم نايبلس، إلى أن حمل اسمه الحالي منذ العام 1964، وترجمته من الإيطالية إلى العربية هو جمعية نابولي الرياضية لكرة القدم.
وشارك هذا النادي، في أول نسخة من الدوري الإيطالي، بنظامه الجاري، أي على شكل دوري واحد لأندية من مدن مختلفة، في موسم 1929ـ1930، احتل المركز الخامس، وهزم أندية عريقة مثل تورينو وميلان، وبقي في النصف الأعلى من الترتيب في المواسم التالية، لكنه هبط إلى الدرجة الثانية عام 1942، ثم هبط مجددًا في الستينيات الميلادية، ثم صعد ونافس في عدة مواسم، لكنه لم يحقق أي مُنجز، إلى أن تغيّرت كُل المعادلات بوصول مارادونا.
هذه الحكاية بدأت في 5 يوليو 1984، أيّ تاريخ تقديم النادي للنجم الأرجنتيني، أمام 75 ألف حاضر في ملعب «سان باولو»، بصفقة انتقال قياسية حينها، بلغت قرابة 10,5 مليون دولار، ويصف دافيد جولدبلات، الإعلامي الإنجليزي، هذا الحدث، بإدراك جماهير نابولي أن «المنقذ» وصل، فيما كتبت صحيفة إيطالية :«لا يهم إن لم يكن لدينا منازل أو مدارس أو حافلات نقل أو فرص عمل، لأننا نملك مارادونا».
وبمجرد انتقاله، وضع مارادونا نادي نابولي على خارطة كرة القدم العالمية، فهذا النادي كان مجرّد اسم عابر في الرواية الإيطالية قبل ذلك، وحائط إنجازاته كان خاليًا، باستثناء لقبيْن في كأس إيطاليا عاميْ 1962 و1976، لكن رواية مارادونا لم تقتصر على حدث الانتقال فحسب، فالأعوام التالية كانت الأنجح في تاريخ النادي.
وتُوّج نابولي بلقب الدوري الإيطالي، عام 1987، للمرة الأولى في تاريخه، ثمّ أضاف نجمة أخرى باعتلائه الترتيب عام 1990، كما فاز بكأس إيطاليا عام 1987، وهزم العملاقيْن يوفنتوس وبايرن ميونيخ في طريقه نحو لقبه القاري الوحيد، والحديث هُنا عن الدوري الأوروبي، بمسماه القديم، عام 1989.
وفي العام 1990، انتصر نابولي على يوفنتوس بنتيجة 5ـ1، ليُتوّج بلقبه الأول في كأس السوبر الإيطالي، بحضور مارادونا، ولو أن تشكيلة يوفنتوس ضمّت أسماء بارزة، مثل باجيو وسكيلاتشي وكازيراجي وهاسلر.
غادر مارادونا عام 1991، نابولي فانتهت القصة بجانبها الجميل، وبدأت قصة أخرى حملت مشاعر مختلفة.
بعد التتويج بكأس السوبر الإيطالي عام 1990، لم يحقق نابولي أي لقب طوال 22 عامًا، وهبط إلى الدرجة الثانية عام 1998، ثم صعد وهبط مجددًا، قبل أن يعلن إفلاسه عام 2004، ليتم تهبيطه إلى الدرجة الثالثة، فذهبت مهمة الإنقاذ إلى أوريليو دي لورينتيس، الذي اشترى النادي، وبدأت مرحلة إعادة البناء والعودة، ولو ببطء.
يعيش نابولي حاليًا مرحلة يسودها التفاؤل، بعد تتويجه بلقب الدوري الإيطالي مرتيّن في المواسم الـ 3 الأخيرة، كما أنّه يبحث في الرياض عن لقبه الثالث في كأس السوبر الإيطالي، بعد غياب 11 عامًا، إذ نال لقبه الأخير في 22 ديسمبر 2014، بعد الفوز على يوفنتوس بركلات الترجيح، على ملعب جاسم بن حمد في الدوحة، العاصمة القطرية.