أوسيمين.. بائع الصحف يتصدر عناوينها
في شوارع لاجوس المزدحمة والمختنقة بحركة المرور، كان فيكتور أوسيمين يبيع الصحف، أما اليوم فهو يتصدر العناوين بفضل تألقه مهاجمًا بارعًا في التسجيل مع منتخب بلاده نيجيريا الأول لكرة القدم وناديه غلطة سراي التركي.
بينما تستعد نيجيريا لمواجهة منافسيها في المجموعة الثالثة، تنزانيا وتونس وأوغندا، خلال شهر ديسمبر الجاري في الدور الأول لنهائيات كأس الأمم الإفريقية في المغرب، تتجه الأنظار إلى اللاعب البالغ من العمر 26 عامًا.
ووفق «الفرنسية»، قال المدرب المالي-الفرنسي لمنتخب بلاده إريك شيل «إنه أعظم مهاجم في العالم»، فيما يسعى منتخب «النسور الممتازة» إلى التتويج باللقب الرابع في تاريخه والأول منذ عام 2013.
وتزخر نيجيريا بالمواهب الهجومية، ويبرز من بينها الفائز بجائزة أفضل لاعب إفريقي العام الماضي، مهاجم أتالانتا الإيطالي أديمولا لوكمان الذي قد يشكل ثنائيًا خطيرًا مع أوسيمين.
قصة أوسيمين تشبه مسيرة العديد من لاعبي كرة القدم الأفارقة، فهي حكاية كلاسيكية عن الانتقال من الفقر إلى المجد، بعد التغلب على صعوبات بدت مستحيلة لتحقيق النجومية.
وكشف أوسيمين عن معاناته في طفولته من خلال سلسلة منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، آملًا في أن تلهم النيجيريين الذين يواجهون ظروفًا مشابهة.
وتتمثل أولى ذكرياته عن الحياة في العاصمة التجارية لنيجيريا في الشوارع المغبرة ورائحة النفايات المنبعثة من مكب القمامة.
«كنت مضطرًا إلى بيع الصحف وقوارير المياه لمساعدة أسرتي على البقاء»، هذا ما يتذكره النجم الذي سيبلغ السابعة والعشرين في 29 ديسمبر الجاري، أي قبل يوم واحد من مواجهة نيجيريا لأوغندا في الجولة الثالثة الأخيرة من دور المجموعات.
ضربة حظ غيّرت حياته ودفعته إلى مسار انتهى بتتويجه أفضل لاعب إفريقي العام قبل الماضي «2023».
كان مرشحًا للانضمام إلى صفوف منتخب بلاده تحت 17 عامًا في كأس العالم 2015، لكنه فشل في البداية في إقناع المدرب إيمانويل أمونيكي وتم استبعاده. غير أن مدربين مساعدين عدة اعترضوا على القرار وطلبوا من أمونيكي منحه فرصة ثانية.
واستجاب أمونيكي، صاحب هدفي الفوز عندما تغلبت نيجيريا على زامبيا 2ـ1 في نهائي أمم إفريقيا 1994 في تونس، لطلبهم. وبمنحه فرصة ثانية، سجل أوسيمين عشرة أهداف في سبع مباريات ولعب دورًا حاسمًا في فوز نيجيريا بالبطولة في تشيلي.
لم ينسَ أوسيمين يومًا الدور الذي لعبه أمونيكي في إطلاق مسيرته، حيث أغدق عليه الثناء خلال خطاب ألقاه عندما توج بجائزة أفضل لاعب في إفريقيا.
وقال أمام الحضور في الرباط العاصمة المغربية «شكر خاص لإيمانويل أمونيكي.. من دونه لا أعتقد أنني كنت سأقف هنا ممسكًا بإحدى أرقى الجوائز في كرة القدم الدولية».
وبعد أن لفت أنظار الكشافين في تشيلي، انتقل أوسيمين إلى أوروبا، لكن قدراته التهديفية خذلته عند انضمامه إلى فولفسبورج الألماني، إذ فشل في التسجيل خلال 14 مباراة وأُعير إلى شارلروا البلجيكي، حيث استعاد حسه التهديفي وسجل 12 هدفًا في 25 مباراة.
المحطة التالية لأوسيمين كانت ليل في فرنسا المجاورة، حيث قضى موسمًا واحدًا بمعدل هدف كل مباراتين.
وفي عام 2020، دفع نابولي مبلغًا قياسيًا للنادي بلغ 70 مليون يورو للتعاقد معه، ورد أوسيمين الجميل بمساعدة الفريق على إنهاء انتظار دام ثلاثة عقود للفوز بلقب الدوري الإيطالي في عام 2023.
أصبح أوسيمين هدفًا ثمينًا، وربطته وسائل الإعلام بالانتقال إلى الدوري السعودي أو تشيلسي الإنجليزي أو باريس سان جرمان الفرنسي، لكنه اختار الذهاب إلى غلطة سراي، أولًا على سبيل الإعارة ثم بشكل دائم.
وفي تركيا، حافظ على قدرته على التسجيل بانتظام. كما كان أوسيمين هدافًا بارزًا مع منتخب نيجيريا، إذ سجل 31 هدفًا في 45 مباراة دولية منذ ظهوره الأول عام 2017، بينها أربعة أهداف في تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2024 أمام ساو تومي وبرينسيب.
وفي الأشهر الأخيرة، أحرز ثلاثية في مرمى بنين وهدفين أمام الجابون في تصفيات كأس العالم 2026.
لكن «النسور الممتازة» ستكون من أبرز الغائبين عن العرس العالمي العام المقبل بعد خسارتهم نهائي الملحق الإفريقي أمام جمهورية الكونغو الديمقراطية بركلات الترجيح في المغرب.
واضطر أوسيمين إلى الخروج مصابًا بين شوطي المباراة أمام الكونغوليين، وألقى كثير من المشجعين النيجيريين باللوم في الخسارة على غيابه.
وقع ضحية العديد من الإصابات، لذا غالبًا ما يرتدي قناعًا واقيًا للوجه بعد تعرضه لكسر في عظم الوجنة وتجويف العين خلال اللعب مع نابولي.
