لوكا.. ابن مرسيليا المفطوم على أغاني المحروسة

الرياض ـ إبراهيم الأنصاري Ibrahimal_ansar@ 2025.12.27 | 04:42 pm

تصدح في شوارع مارسيليا الفرنسية موسيقى الراي الجزائرية وأغنية الشاب خالد أغنية الشهيرة «وهران ـ مارساي»، وهناك يقف الفتى الصغير لوكا زيدان أحد أبناء هذه المدينة، التي تعود أصول أغلب سكانها إلى «المحروسة».
في 13 مايو 1998، قبيل شهر واحد من تلك اللحظة، التي اعتلى فيها والده زين الدين عرش العالم في باريس، ولد لوكا في مرسيليا شمال المدينة ضمن عائلة تحمل جذورًا أمازيغية من قرية أغمو أث سليمان بولاية بجاية تتسلل هذه الجذور إلى الحديث اليومي والأطباق التي تحضرها الجدة والحكايات التي يرويها الجد إسماعيل الذي غادر الجزائر عام 1953 نحو فرنسا للعمل في البناء قبل أن يبقى بعد لقائه بمليكة والدة زين الدين.
حمل لوكا الجنسية المزدوجة منذ الطفولة دون أن يطرح السؤال بجدية حتى بلغ السابعة والعشرين حارس مرمى غرناطة في الدرجة الثانية الإسبانية بعد أعوام في المنتخبات الفرنسية للشباب حتى أقل من 20 عامًا يتلقى اتصالًا من الاتحاد الجزائري.
الفتى الذي اختار القفازات وحراسة المرمى بدلًا من تسجيل الأهداف، وظلّ يحمل في جيناته نداءً خفيًا يتجاوز حدود الملاعب الأوروبية، وهو النداء الذي ظلّ معلقًا في هواء قرية «أغيمون» في منطقة القبائل بالجزائر، مهد أجداده الأوائل.
طوال مسيرته في أكاديمية ريال مدريد، كان لوكا يعيش تحت مجهر المقارنات القاسية، متنقلاً بين الفئات السنية للمنتخبات الفرنسية، حيث توج بلقب أوروبا تحت 17 عامًا، ومع ذلك، بقيت علاقة عائلة زيدان بالجزائر خيطًا رفيعًا لا ينقطع، يتغذى على الزيارات السرية والمساعدات الخيرية التي كان والده يحرص عليها بعيدًا عن صخب الكاميرات، حتى حانت اللحظة التي قرر فيها الحارس الشاب، بمباركة من «زيزو»، أن يرتدي القميص الأخضر، معلنًا ولاءه الرياضي لبلد المنشأ في خطوة أعادت تشكيل الخارطة العاطفية لجماهير البلدين، منهيًا أعوامًا من التكهنات حول إمكانية رؤية اسم زيدان مجددًا في المحافل الدولية لكن هذه المرة بتمثيل إفريقي خالص.
وقال زيدان: «شجعني جدي على اللعب للجزائر، أردت أن أكرمه بهذا القرار، الذي غير مسار حياتي إلى الأبد، وشجعتني مساندة عائلتي التي منحتني شجاعة إضافية».
في تلك الأمسية التي احتضنها ملعب مولاي الحسن في الرباط ضمن منافسات كأس الأمم الأفريقية، وقف لوكا زيدان شامخًا بين الخشبات الثلاث في مواجهة المنتخب السوداني، ولم يكن المشهد عاديًا في المدرجات، حيث جلس الأسطورة زين الدين زيدان متوشحًا بالصمت والهدوء، يراقب ابنه وهو يذود عن عرين «محاربي الصحراء» للمرة الأولى في مباراة رسمية، في مشهد يجسد تلاقي الأجيال وتصحيح مسارات التاريخ التي فرقتها الجغرافيا.
وبعد المباراة، منح فلاديمير بيتكوفيتش، مدرب الجزائر، لوكا المزيد من الثقة بقوله: «لوكا منح المجموعة شعورًا بالأمان، لعب بثقة وهدوء، وقدم أداء استثنائيًا على الرغم من أنها من أوائل مبارياته مع المنتخب، وجوده في المرمى أعطانا ثباتًا كبيرًا».