سعد المهدي
هل إعلامنا الرياضي الأقوى حقيقة؟
2025-12-27
من أكثر المقولات بلا سند، وما أكثرها، «إعلامنا الرياضي الأقوى عربيًا»، وعلى إنني أقول «يا ليت» إلا أن حقيقة هذه المقولة غير صحيحة، ويبدو أن من أطلقها قد سقطت من عبارته «يفترض» ولم يصححها بعد أن ذاعت، وشاعت بيننا، وطارت بها الركبان في كل اتجاه.

ربما في عقود مضت حين كانت ملاعب الإعلام مقصورة على الوسائل التقليدية، كان لنا موهوبون ونجوم تقدموا الصفوف وملأوا الفراغ محليًا، وتحكموا في ساحته وكسبوا بعض جولات مع منافسين إقليميًا، في فترات المشاركات الإقليمية «دورات كأس الخليج مثلًا» قبل أن تخذلنا «الأقمار الصناعية»، وتربكنا «التكنولوجيا» حتى لم يعد نصيبنا منها في ساحة الإعلام الرياضي إلا القليل الذي لا تحكمه ضوابط بين يدي من ليس لنا عليهم أمر.

بعيدًا عمن يرسل، وعلى أي المنصات، وماهي رسائله، لنا أن نسأل عن الجهة الرسمية المعنية بالرسالة الإعلامية، وما إذا هي فعلًا عملت أو تعمل أو ستعمل على صناعة منصات على كل الوسائل تحمل محتوى مهنيًا جاذبًا كامل الجودة معدًا بحرفية، ومنفذًا بإبداع من خلال كوادر مسؤولة هضمت الرسالة وتلمست طرق تحقيق أهدافها.

هيئة الإذاعة والتلفزيون تملك الحصة الأكبر من المنصات، ويمكنها بناء المحتوى الأضخم الأكثر تأثيرًا من خلال قنواتها التلفزيونية المتخصصة «القنوات الرياضية»، وإطلاقها لبرامج رياضية عبر ثلاث قنوات أخرى، إلا أن ذلك جعلها بالكاد تدخل في السباق مع قنوات تجارية سعودية تقدم جميعها أربعة برامج رياضية تصنع محتواها بما يناسب سياستها التحريرية ليصبح ناتج محصلة ما يقدمه «الكل» أقل من أن يرسم خطًا عريضًا يشكل هوية إعلام مشبع بالمشتركات المعبرة عن الرسالة مع حفاظه على هويته الخاصة التي تميزه.

ولأني استثني القنوات التجارية من القيام بدور بناء جسم المحتوى الرئيس، بل ولا يجب أن تعطى لها هذه المهمة، فإن القول الذي لا يجب أن نخفيه أن تقوم هيئة الإذاعة والتلفزيون بمسؤولية تحّمل المهمة، من خلال انتفاضة لإحياء القنوات الرياضية على أساس خطة يسخر لها من المال والكوادر ما يجعلها تقود قطار التغيير لا أحد ركابه، ومن يؤثر ولا يتأثر يتبع «بالضمة» ولا يتبع «بالفتحة» من يحقق كل متطلبات العمل الإعلامي الذي يطالب به مسؤولو الإعلام غيرهم؟!.

فهل عدم امتلاك الحصريات يجيز إدخال هذه القنوات غرف الإنعاش، أو يبرر رفض المشاركة في نقل بطولات دورة الخليج وكأس العرب، أو يعطل القيام بصناعة برامج على مدار البث اليومي، وهو ما تفعله وتتنافس فيه جميع القنوات الرياضية الحكومية في منطقتنا الخليجية والعربية، أو يتعمد إهمال كوادر الإعداد والتقديم العاملين في القنوات وتهمشيهم؟!.

صناعة العلامة في العمل التلفزيوني ترتكز على الاستدامة مع التجديد والتطوير، لا يصح ألّا تملك خارطة برامج ودورة برامجية، ولا يجوز ألّا يدوم برنامج أكثر من موسم، أو كل موسم باسم، أو يظهر مقدم برنامج رئيسي فجأة في قناة أخرى خارجية كمراسل، أو آخر يحمل 2 مايك لكل منهما اسم، هذه الملاحظات أو مثلها كثير التي تبدو سهلة يمكن لها أن تنخر في بناء الصورة وتهدمها، خاصة عند مقارنتها بانضباطية أداء وظهور القنوات الأخرى لدول الجوار.. قوة الإعلام الرياضي المحلي ليست مسؤولية هيئة الإذاعة والتلفزيون صحيح، إلا أنها لو قامت بدورها فإن منصاتها قادرة على استنهاض الكل وفرز الصالح من الطالح، وأظنها قادرة مع قيادتها الجديدة.