تركي السهلي
وقتٌ لاحق
2025-12-29
ما إن تهدأ الأمور في دوري المحترفين السعودي حتّى تعود القصص إلى الغموض، ويرتفع الظنّ، وسوء التفسير. فبعد تأجيل الجولة العاشرة، وتجنيب الهلال التعاون، ومنحه فرصة أكبر للتقوية، خرجت رابطة دوري روشن للمحترفين بتواريخ جديدة، «خنقت» بها النصر المُتصدّر، وصاحب المسيرة الناجحة في المباريات بتقليل أيّام راحته الفاصلة بين مباراة وأخرى وبمدى 48 ساعة، وإعطاء الهلال الجرعة الأكبر من الراحة بواقع أكثر من 72 ساعة بين الجولة والثانية. والأمر الحديث كان يمكن أن يكون مفهومًا لو أن التواريخ معلومة للجميع قبل البدء، لكن الرابطة تركت التحديد الزمني إلى «وقت لاحق» مع تحديد هُويّة الفرق في الجولات، وهذا أمر صعد بكل الأسئلة إلى المستوى الغامض.
ومع كُل الجدليات، يجنح البعض إلى رسم سيناريوهات لأسباب التعيين، ومنها أنّ الرابطة خضعت لخطاب «تشكيك» في جدولة النصر منذ أغسطس الماضي وحتى اليوم، وأن ما أحدثته في التواريخ وأيّام الراحة، كان لإرضاء الهلال، وإبداء الصدقية في عدم مجاملة الأصفر في جولاته العشر الأولى، والاستسلام للوضع الأزرق ومنحه «جرعة» حياة للمنافسة أكثر. وهذا بالطبع افتراض «خطير» لا يمكن للرابطة الموقّرة أن تُفكّر فيه أصلاً!
والطروحات الصعبة تتولّد في مناخ الشك غالبًا، كما أن العمل الذي يبدأ بارتباك، سينتهي بركاكة على الأرجح، وهذا ما وقعت فيه الرابطة، إذ أنّها لم تُعلن تعيين الجدول، وتركت الأمور في جوانب السريّة، وقالت إنّها تُطبق «المنهج الإنجليزي» دون أن نعرف ماهيّة هذا المنهج، ولا لغة «خوارزمياته»!
ورابطة الدوري تحوّلت بـ «الجدولة» إلى طرف مع الأندية، في وقت كان عليها أن تكون المُحقّقة لمصلحة الجميع، وأن تُظهر لكل الأطراف الحيادية، والوقع المهني الصِرف، حتى وإن كان بعض من يقف في مفاصل العمل لديها، لم يخض من قبل تجربة «صناعة جدول».
لقد تشكّلت تعرجات للدوري، وكبُرت مخاوف التأثير على جهة الحقوق، وبدا وكأن التعديلات تصبّ في صالح أحد دون آخر، ما ينسف جوهر الرابطة وصميم عملها، «الوقتُ اللاحق» للمتأخر دائمًا.