شركات الذكاء الاصطناعي تبيع تطبيقاتها للشركات التي تعمل على تقليص عدد الموظفين، والشركات التي تشتري خدمات الذكاء الاصطناعي تنسى القاعدة التي تقول إنه لا شيء لا يقابله شيء آخر، تقليص عدد الموظفين تقليص للأجور وزيادة في الدخل، تقليل الموظفين يقابله ضعف الخدمة. أذكر قبل أشهر دخلت إلى محل كبير جدًا في دولة أوروبية يبيع أدوات كهربائية ومواد بناء، بحثت عن موظف يساعدني لأجد ما أحتاجه فلم أجد، وعندما ظهر موظف وسألته قال إنه لا يعرف الإجابة! كان المحل مليئًا بالمنتجات فارغًا من الموظفين، وسيئ الخدمة. يعتقد ملّاك الشركات أن التطبيقات الذكية تعمل لصالحهم، دون أن يشعروا أن الذكاء الاصطناعي في المستقبل سيذيب شركاتهم نفسها. آخر ما قرأته عن الذكاء الاصطناعي للشركات هي كاميرات تراقب الموظفين، من استخدم هاتفه، ومن أكل وشرب، ومن تحدث مع زملائه. تمنيت لو أنها أيضًا راقبت العمر الذي يعطيه الموظف للشركة، ومشاعر الحزن التي يكتمها لظروفه الخاصة، والقلق الذي يشعر به خوفًا من الاستغناء عنه، والحسرة التي تملأه عندما يغادر تاركًا سنوات عمره خلفه. صار من المضحك سماع صاحب الشركة وهو يقول للموظف: هذه شركتك، دون ترجمة ذلك برفع الراتب، أو نسبة ولو صغيرة من الأرباح! الاعتراف بفضل الموظفين على الشركة يحتاج إلى شجاعة وإنصاف من صاحب الشركة، ومثل هؤلاء قلة. قبل أيام قرأت عن صاحب شركة تقنية ناجحة، جاء إليه مستثمرون وأقنعوه بالبيع، وعندما باع شركته أعطى الموظفين 15 في المئة من قيمة البيع، وحصل أصغر موظف على مبلغ تجاوز 400 ألف دولار، الحكاية انتشرت عالميًا لأن لا أحد يفعل ذلك. معظم الذين يحالفهم الحظ يعيدون أسباب نجاحهم لعبقريتهم، متناسين أن نجاحهم بسبب تجّمع الظروف والأسباب المناسبة، وأولها وجود موظفين مناسبين أعطوا جهدهم وسنوات من حياتهم.