|




سلطان الزهراني
أربعة
2025-06-30
عندما تشتدُّ حرارة الصيف، وتتصبَّب الكلمات عرقًا، وتنصهر الأقلام والأحلام، وعندما يغضب الشتاء، ويتفجَّر بعنفوانٍ زمهريرًا، لتتجمَّد القلوب والمشاعر في ليلٍ لا يقبل أنصاف الحلول، وعندما تتساقط أوراق الشجر في الخريف كتساقط أقنعة بعض البشر، وعندما تزهر الأرض حياةً، وتكتسي حريرًا أخضرَ، لتُعلن الأرض عن الربيع، وتحلّ السعادة على الجميع، ومهما تعدَّدت الأجواء، وسكن الهواء، وتلبَّدت الغيوم في السماء، فالفصولُ أربعةٌ.
في الغرف المغلقة، أو مشرعة الأبواب هناك زوايا أربعٌ، وكذلك في مناقشة أي فكرةٍ، تأكد أن رأيك يُشكِّل زاويةً واحدةً، وهناك زوايا أخرى قد تؤدي إلى نتيجةٍ مختلفةٍ تمامًا. المهم في الأمر، هو زيادة الوعي، واستيعاب وجهات النظر الأخرى.
في شهر يونيو من عام 2023، أعلنت وزارة الرياضة عن حدثٍ تاريخي عظيمٍ، وهو استحواذُ صندوق الاستثمارات العامة الأنديةَ الأربعةَ «الكبار» بنسبة 75%، واستبشر الكثيرون بهذه الخطوة، لأنها ستنقل هذه الأندية لمستوى مختلفٍ عن السابق الذي كانت الفوضى عنوانًا بارزًا له في تلك المرحلة.
وبعد سنتين من التجربة الجديدة، كانتا كافيتين للحكم على كثيرٍ من الأعمال والإجراءات على الرغم من عدم وضوح المسؤول مع الجماهير والإعلام فيما يخصُّ الهيكلة والإجراءات الإدارية، وطريقة العمل، والتسلسل الإداري والدعم المالي! وما زاد شكوك المتابعين تناقضُ تصريحات المسؤول، وعدم الإجابة عن كثيرٍ من الأسئلة التي ما زالت تدور في ذهن المتابع.
إن هذه الأندية الأربعة بعد مضي مدةٍ من المشروع، تجد اختلافًا بينها من نواحٍ إداريةٍ وماليةٍ وفنيةٍ، وإن كانت تتشابه في بعض الجوانب مثل عدم وضوح مسؤولي الأندية مع الجماهير في كل ما حدث لها خلال الفترة الماضية، ما يحوِّل ظنون المتابع إلى حقيقةٍ في ظل غيابها عنه.
الإدارة بسيطةٌ، لكنها عميقةٌ، وتتطلَّب قدرًا من المرونة والثقافة والمعرفة، فهي ليست مجرد شركاتٍ فقط، بل هي أيضًا أنديةٌ رياضيةٌ، ومنافساتٌ المنطقُ فيها يتوقف عند إطلاق صافرة الحكم في المربع الأخضر، فالتفاصيل الصغيرة تغيِّر موازين القوى والبطولات بشكلٍ جنوني، والأندية الرياضية مرتبطةٌ بوجدان الجماهير ورغبتها في تحقيق الإنجازات، وليست مقتصرةً فقط على الأمور المادية.
المشروع عظيمٌ، وهدفه رفع قيمة الدوري السعودي على المستوى الرياضي وكذلك قوةٌ ناعمةٌ لتحقيق رؤية المملكة 2030، لكنْ لابد من المراجعة الدورية للعمل والشفافية مع الجميع لتصبح النتائج مبهرةً ومميزةً وفوق التوقعات.
يقولون: فكِّر خارج الصندوق، لتحلِّقَ في سماء الإبداع بالعمل، لكن اعمل مع الصندوق لتصبح يومًا ما البطل.