|


أحمد الحامد
فايق.. الذي لا يُنسى
2018-03-03

رغم النسيان الذي حل بديلاً عن منتصف شعري الذي تساقط، إلا أنني ما زلت أحفظ كل ما حفظته للشاعر فايق عبدالجليل، يلامس هذا الشاعر مشاعري وتسكن كلماته أعماق تفكيري، فايق سهل جدًّا صادم جدًّا رقيق جدًّا.. فايق شاعر.



رافقتني دواوينه في كل مكان أحملها معي عند كل رحيل، نسيت واحدًا منها في الباص رقم 137 الذي كنت أستقله دائمًا نحو مقر العمل في منطقة باترسي اللندنية، توقفت منتبهًا لفقدانه بعد أن نزلت من الباص.. شاهدته وهو يصغر حجمًا كلما ابتعد في الشارع الطويل.. شعرت أن دخانًا ارتفع من صدري المحترق.



طفيت الشوق في إيدك 

وبقى من شوقي بس دخان

عجيبة حالتي وياك

أصابع للمحبة شموع 

وأصابع تكتب النسيان 



لم أتصور صحراء جافة كما صورها فايق، ولم أشعر بالحاجة إلى الماء.. كما وصف فايق عذاب العطش في رائعة عطشان اسمع يا نهر .. عمري الصحاري والجفاف عمري أنا ما مر .. على عمري مطر مشتاق لدموع الشتا .. مشتاق للون الخضر.



ما كتبه فايق أكثر بكثير مما غني له من كلمات، لم يعجبني لحن آخر زيارة كان أجمل ما في الأغنية صوت محمد عبده، وكلمات فايق، أحفظ كلماتها منذ 25 عامًا أو أكثر، أحبها كلها لكن المقطع التالي كان الأشد غربة وإيلامًا: 



كل شي حبيته في بيتك نساني .. الهدوء الليل الصمت الأغاني .. حتى لون الورد والفرحة ومكاني.



أتصور أنني كنت على حق عندما أحببت فايق، وعندما أدمنته، شعر فايق أوجد لي مشكلة لاحقًا، عندما كنت أستمع للعديد من القصائد لشعراء آخرين، سقف فايق مرتفع جدًّا، والكثير من القصائد تسبح في فضائه ولا تصل إلى سقفه، ومن توازي قصائدهم أو حتى يكون بعضها عبقريًّا، ولهم فضاؤهم المختلف، كانوا قلة قليلة، وأصحاب مدارس، ولطالما أحببت مدرسة فايق.



يلي فيك من لوني ألوان

تعالي نبدأ الرحلة..

طيور تحب .. طيور ترحل 

بلا أوراق .. بلا إثبات .. بلا عنوان

كتب فايق الكثير عن النسيان للدرجة التي جعلتني لا أنساه.