|


أحمد الحامد
دارك يا الأخضر.. لا دار الغرباء
2018-03-01

سعدت جداً بمشاهدة المنتخب السعودي في البصرة، كان قرار لعب المباراة في العراق شجاعاً وتاريخياً يحتاج إليه العراق وليس الرياضة العراقية فقط، لن أكتب عمّا عاناه العراق، لكنني أود التأكيد على أن وجود المنتخب السعودي والإعلاميين الرياضيين السعوديين هو ما يحتاجه العراق ليس للعب مباراة فقط، بل لوجود رياضي واقتصادي واجتماعي وعاطفي.



 لا يمكن أن يترك هذا البلد الجريح للغرباء، له كامل الحق على العرب، وللعرب كامل الحق عليه، سعدت بالتقاء هذا الجيل مع بعضه البعض لأول مرة على الأرض العراقية، لهفة العراقيين للسعوديين لا توصف، وبعض المشاهد التي رأيناها مبكية، العراقيون اصطفوا في الشوارع لتحية الإعلاميين السعوديين الذين وصلوا أولاً، قال لي زميلي فهد الشليل: إن عراقياً جاء إلى ملعب المباراة مشياً على الأقدام مسافة ٩٠ كيلو مترا... لماذا لم يأت بالسيارة؟ لأنه كان قد قال: إذا ما جاء المنتخب السعودي للعب في العراق سيسير على قدميه لغاية الوصول للملعب، أي بعد كان.. وأي شوق ينفجر الآن؟



كرة القدم تفعل سحرها الآن وتتسبب في إخراج مشاهد حقيقية عن روابط عميقة لم تلغها كل أعوام الغياب، لا يمكن إلغاء التشابه ولا الأواصر ولا التاريخ ولا الامتداد، إن ذهاب الأخضر السعودي للعب في العراق لرفع الحظر الرياضي عن شقيقه العراقي هي رسالة وتذكير بكل هذه الروابط، إن العودة قليلا للوراء وتصفح أوراق التاريخ القريبة كافية لمعرفة ما يجمع الشعبين، ولمعرفة ما حصل من بعد بين البلدين، لا شك أن حظ العراق كان سيئاً جداً في كل ما حصل له في أعوام الحروب وما بعد الحروب، أضعفته وحرمته من أشقائه الأعزاء.



شكراً تركي آل الشيخ على هذه الخطوة التي لا تليق إلا بمملكة العروبة وبمكانتها وبشعورها نحو أشقائها، لتكن هذه الخطوة هي الأولى داخل العراق، ولتتعدد الخطوات حتى تصبح طريقاً نحوه، لاحتضانه وإبعاد الغرباء عنه، العراق مشتاق لعروبته وتاريخ عروبته، لوجود المملكة بجانبه تعالج جراحه وتبادله أشواقه وحنينه، وليتم القفز فوق كل ما صنعه الغرباء من حواجز تبعد الأخ عن أخيه، وتحاول أن تمحو التاريخ والجغرافيا ووحدة الدم، دارك يا الأخضر.. لا دار الغرباء.