|


أحمد الحامد
وهل يخفى المتنبي
2018-02-27

وأنا في طريقى للمقهى، جال في خاطري أبو الطيب المتنبي، الشاعر الذي اختلف عن الكثير من شعراء تلك الأزمنة، وصنع لنفسه شخصية جذابة لها مكانتها ومهابتها، حقق ذلك من خلال أسلوب حياته ونفسه الطموحة، إضافة إلى أبلغ الأشعار والحكم، كما أن قصائده التي قالها في الخلفاء والأمراء كان لها أثر في تخليد القائل ومن قيلت فيه.



حكم المتنبي متداولة بين الناس وهذه من ميزاته.. الحكم للحياة والحياة مازالت مستمرة، ويحتاج الناس بها إلى الحكمة دائمًا.



المتنبي موجود في التعابير عن الحالات الإنسانية، كل منا يستخدم أبياته وحكمه في شأن ما، في استعارات العشاق للتعبير عن محبتهم وآلام فراقهم.



 



وكاتم الحب يوم البين منهتك 


وصاحب الدمع لا تخفى سرائره


ويستحضر المتنبي أيضًا في لوم كل من لم تسعفه نفسه على صنع المعروف والجود لكل من كان قادرًا على فعله، لكنه لم يفعل.



 



ولم أرَ في عيوب الناس شيئا


كنقص القادرين على التمامِ


وعن عظمة النفس البشرية عند بعض الأفذاذ من الناس الذين يرفضون مغادرة الحياة، دون ترك أثر بالغ عليها، وعن التباين بين جسد الإنسان المحدود الحجم  الذي يتبع النفس الكبيرة فيتعب ويضعف: 



 



  وإذا كانت النفوس كبارا


تعبت في مرادها الأجسام


 



ومن أكثر الأبيات استخدامًا عند العرب في كل حالة خلاف وشتمٍ بين شخص وآخر هو البيت الشهير: 


وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ


فهي الشهادة لي بأني كامل 


وطبعًا، كلا الطرفين المتخاصمين يستخدم هذا البيت في ذم الآخر، ولا نعرف في النهاية من هو الكامل منهما، ومن هو الناقص.



الحديث عن المتنبي طويل لا ينتهي، مثله مثل حكمه التي لم نتوقف عن استخدامها لحاجتنا الدائمة إلى بلاغتها وروعتها.