|


فهد علي
"سارة الدندراوي" ترد البضاعة
2017-11-23

 

 

تحملق العيون أمر طبيعي، حين يظهر في الإعلام التقليدي وجه أو صوت إنسان قد نال حظاً واسعاً من الشهرة في وسائل التواصل الاجتماعي. صارت فكرة إعلامية بغاية النباهة في جذب أشخاص متنوعين، كل أحد منهم يحمل خلفه قبيلة صغيرة من المتابعين، وكان للإعلامية "سارة الدندراوي" النصيب الأوفر بمد الجسور بين من اشتهروا خلف شاشات هواتفهم، لتعقد معهم نقاشاً تلفزيونياً قصيرًا . 

 

ولأن الناس عادة تدمن الضحك والتعاطي مع البازغين في الفضاء العام، لكن أغلبهم أيضاً يدمنون نبذهم والتحوّل لوجوه أخرى ومقاطع فيديو حديثة، فقد تكوّن وجه "سارة الدندراوي" حتى أصبح في ذهنية المتلقي مرادفاً لمشاهير الإعلام الجديد، مما جعلها غير مقبولة عند البعض. 

 

رغماً أن امتداد تاريخها الإعلامي اكتظ سابقاً ويزدحم حالياً أيضاً بلقاءات دارت وتدور مع فنانين وسياسيين وإعلاميين يعدّون من الدرجة الأولى، وإضافة إلى تمكنها في إدارة الحوار، إلا أن حقبة واحدة جعلتها عالقة أكثرة بذهنية المتابع، فمع لقاءاتها مع الوجوه الجديدة كان ذنبها الوحيد هو ردّها بضاعة الناس إلى الناس أنفسهم، فأنا شخصياً ما استطعت يوماً مشاهدة حلقة كاملة كان الضيف فيها أحد الذين لمع نجمهم من شاشة الهاتف، لأني لا أرى أحداً يستحق أن يستحوذ على دهشتي منهم، لكن عدد المشاهدين في اليوتيوب والتعلقيات، وحجم المتابعين للمشاهير يشفع لها كاملاً في أداء مهمتها تلك، ومواصلة أحد ألوانها الإعلامية بفكرتها الجريئة. 

 

لست منافحاً عنها، بقدر ما كانت حالة تندّر البعض منها تصيبني دهشةً وتعجبًا، حاجبين بصور ظالمة ما قدمته سالفاً من نشاط إعلامي، إذ ينفتح باب التساؤلات: فما هو معنى أن نتابع أناساً بهواتفنا ثم على الشاشات وأخيراً نشتمهم معاً. 

 

وعلى كل حال لا أجد ما يستفزني في جعل فارغي المحتوى محل اختيار متابعة من الناس، فالإنسان المحلي المثقّف والأكاديمي قد ترفع بلغته وبأساليبه القديمة والمتخشبة عن العوام، حتّى انفض عنه الجميع، والطريقة الوحيدة لنتخلص من صورة سارة الدندراوي القديمة في ذهننا، هو أن نرى كل نتاجها بتنوعه من جانب، ومن جانب آخر أن من يحمل محتوى أكثر رقياً في وسائل التواصل يكون محل مشاهداتنا، فلن ننزعج حينها إذ اقتعدوا أمامها وأجابوا عن أسئلتها كما يتم في مثل كل البرامج الحوارية، أو لنظل على متابعة اختياراتنا القديمة من المشاهير وعلى من سلّط نحوهم ضوء الكاميرا التلفزيونية، دون أن ننقلب عليهم.