|


د. حافظ المدلج
زيدان
2017-08-23

لا أعتقد أن نجمًا رياضيًّا جمع النجاح لاعبًا ومدربًا مثلما فعل "زين الدين زيدان"، وربما ينافسه "بكنباور وكرويف"، ولكن أعتقد أنكم توافقونني الرأي بأنه أفضل منهما لاعبًا ومدربًا؛ ولذلك سيحفظ التاريخ حالة نادرة من الإبداع والإنجاز والإعجاز اسمها "زيدان".

 

"زيدان" اللاعب حقق ألقابًا كثيرة مع الأندية التي لعب لها، خاصة الفريقين العظيمين "يوفنتوس" زعيم إيطاليا، ثم "ريال مدريد" زعيم أوروبا وإسبانيا، بل كان له الدور الأكبر في تحقيق تلك البطولات، وربما كان دوره في منتخب فرنسا أوضح وأنجح لمن يتذكر، أنه كان بطل كأس العالم 1998 وكأس أمم أوروبا 2000، وكانت أهدافه الحاسمة سببًا في تحقيق البطولتين الأهم في تاريخ فرنسا، التي لم تتأهل لكأس العالم 1994 قبل "زيدان"، ولم تسجل أي هدف في كأس العالم 2002 من دونه، ووصلت إلى نهائي كأس العالم 2006 مع عودته، وكأنه البطل الوحيد في اللعبة الجماعية التي نعشقها وزاد عشقنا لها بسبب "زيدان".

 

"زيدان" المدرب بدأ مسيرته بأرقام مذهلة، يندر أن يحققها مدرب آخر رغم أنه لم ينفق مبالغ طائلة في شراء عقود النجوم، بل تسلم فريقًا بناه مدربون مميزون مثل مورينهو وأنشيلوتي ثم هدمه مدرب سيئ اسمه "بنيتيز"، فاستلم زيدان نفس الفريق وصنع الفارق وحقق الإعجاز بسبعة ألقاب في مسيرة أسطورية لم يخسر خلالها سوى سبع مباريات، وكأنه يعوض كل مباراة يخسرها ببطولة يحققها، في ظاهرة تؤكد أن الأرقام أصدق من أوهام "الحظ" الذي يتوقع بعضهم أنه السبب الرئيس في نجاحات المدرب المسلم ذي الأصول العربية، ولعلنا نتفق أن نجوم "ريال مدريد" يقدمون معه أفضل مستوياتهم؛ لأنه يجيد التحدث بلغتهم ويعرف أحاسيسهم ويستطيع إقناعهم بسياسة التدوير، حيث يضمن مشاركة الجميع في صناعة الإنجاز واستمرار جاهزيتهم حتى نهاية الموسم ووقت الحصاد، كأهم أسرار نجاحات "زيدان".

 

تغريدة tweet:

أكتب عن "زيدان" وأمنيتي أن يكون مثلًا أعلى لجميع المدربين المحليين والخليجيين، فهذا الفرنسي/الجزائري يمثل حالة نادرة من التواضع والحكمة والذكاء، فهو "متواضع" رغم نجوميته الطاغية التي تسمح له بالغرور والتباهي بالإنجازات التي حققها لاعبًا يحتل مكان الصدارة في قلوب جميع عشاق كرة القدم، وهو "حكيم" في تعامله مع النجوم وإقناعهم بالتنازل أحيانًا عن اللعب بالتشكيل الأساسي؛ لذلك أصبحت لديه أقوى دكة في العالم، وهو "ذكي" في التعاطي الإعلامي الرصين الذي يجنبه الصراعات مع المنافسين، ويجعله محط احترام العالم بأسره والإعلام الرياضي على وجه الخصوص؛ ولذلك أكرر أمنيتي بدراسة سيرة "زيدان" ومراقبته والتعلم منه مثلاً أعلى، وعلى منصات أساطير الرياضة نلتقي...