|


خالد قاضي
النتيجة أصدق أنباءً من الكتب
2010-08-21
يعاتب الكثيرون من رؤساء الأندية والمدربين محللي مباريات كرة القدم سواء في الصحافة الرياضية أو الفضائيات أو الإعلام المسموع بأن تحليلاتهم الفنية تتأثر بنتيجة المباراة، ويعتبرون أن هذا الأمر لا يليق بالمحلل.. والواقع يؤكد صحة نظرية تأثر المحلل أو تصريحات الرؤساء أو المدربين أنفسهم بنتيجة المباراة النهائية.. والأمثلة على ذلك كثيرة منها ما هو عالمي ومحلي.. فمثلاً في نهائي كأس العالم الأخيرة في جنوب إفريقيا تأثرت آراء أكبر المحللين في العالم بنتائج المباريات وحتى خبراء الكرة العالمية ونجومها السابقين أمثال البرازيلي بيليه والألماني فرانز بيكنباور والفرنسي بلاتيني، تأثرت هي الأخرى بنتائج المباريات، والدليل أن الجميع رشح ألمانيا للفوز بكأس العالم بعد رباعياتها في شباك الإنجليز والأرجنتين، واتفق جميع المحللين على أن الماكينة الألمانية والكرة الجماعية هي سيّدة الموقف.. وبعد خسارة ألمانيا من إسبانيا برأسية مدافع البرشا بويل تغيرت الآراء، وقال الجميع إن قوة الوسط هي سرّ الفوز وأن المدافع الهداف هو من يرجح كفة فريقه.
وعلينا أن نتخيل نهائي كأس العالم فيما لو قدر للهولندي روبن أن يهزّ شباك الإسبان مرتين من فرصتين انفرادية تصدى لها حارس الريال الإسباني الكبير كاسياس بكل براعة.. ماذا كان سيقول المحللون العالميون لو أن هولندا هي التي فازت؟.. لكن هدف الإسباني أنيستا القاتل في المرمى البرتقالي غيّر كل الآراء الفنية لسبب واحد، وهو أن النتيجة النهائية للمباراة لها تأثير السحر على أي محلل.. لأن النتيجة هي زبدة المباراة وخلاصة المعركة الكروية، فالتاريخ يسجل الأرقام والنتائج ولا يعرف من كان الأفضل فنياً.
وحتى أبرهن بأن نتيجة المباراة لها تأثير على أي شخص ولا أزكي نفسي من هذا الموضوع.. والمثال حي وحاضر وقريب جداً، وهو تقدم الأهلي على الاتفاق في الشوط الأول بثلاثة أهداف مقابل هدف وكنت أتحدث مع صديق أهلاوي بين الشوطين وقلت له هذه هي الكرة الهجومية المطلوبة، فالأهلي مرعب هجومياً.. لكن بعد نهاية المباراة بأربعة مقابل ثلاثة للاتفاق.. من يقتنع برأي إن قلت لأي أهلاوي بأن فريقه كان الأفضل وأضاع ثلاث فرص مؤكدة للتسجيل.. وهذا دليل على أن النتيجة تجبر المحلل على أن يغير رأيه لأن عبارة لعبنا أفضل وخسرنا لم يعد هناك أي بنك يصرفها، وهي عبارة مسيئة للفريق على عكس ما يعتقد البعض أنها ثناء.. فإذا كنت الأفضل ولم تكسب.. فماذا ستفعل إذا كنت الأسوأ فنياً؟!.
مثال آخر وأنا من عشاق ضرب الأمثلة حتى تكون الصورة واضحة وقريبة لأذهان الجميع.. لو سألت 100 مشجع محايد قبل بداية الدوري ماذا تتوقع للشباب أمام الرائد والتعاون لربما قال 99.99 منهم على طريقة الانتخابات العربية وانتخابات رؤساء الأندية بأن الشباب سيفوز وبعدد وافر من الأهداف حتى رئيسا الرائد والتعاون لم يتوقعا هذا الفوز ولكنها الكرة.. إذاً نتيجة المباراتين بفوز الرائد والتعاون لن تسمح لأي محلل بأن يقول بأن الشباب كان هو الأفضل وخسر.. وهذا بسبب النتيجة النهائية حتى وإن كانت غير متوقعة.. وأغرب ما في رباعية التعاون في الشباب أن رئيس الشباب خالد البلطان احتج على الهدف الرابع.. يا عمي ولا تزعل خليها 3ـ1.
ومثال آخر فوز الاتحاد على الهلال بضربات الترجيح في نهائي كأس الملك في الموسم المنصرم.. الهلال قدم مباراة ممتازة وكادت المباراة أن تفلت من الاتحاد بإضاعة نور لضربة جزاء في الدقيقة الأخيرة من الوقت الأصلي.. وعاد الاتحاد وحسمها بالترجيح بواسطة نور.. من كان يتجرأ ويقول بأن الهلال كان الأفضل فنيّاً والكأس طار إلى جدة مع الاتحاد.. النتيجة هي صاحبة الكلمة الأقوى والجماهير تريد فوزاً ونتائج وبطولات ولا تريد الأفضلية التي لا مكان لها في قاموس كرة القدم.
مثال آخر.. تعادل البحرين القاتل مع المنتخب السعودي في الرياض في تصفيات كأس العالم بعد ثوان قليلة من هدف المنتشري في المرمى البحريني في الوقت القاتل جداً.. هدف التعادل البحريني نسف كل تفوق المنتخب السعودي في لمحة بصر.. هل أستطيع الآن أو أي محلل ولو كان بيليه أو بيكنباور أو بلاتيني أن يقنع الجماهير السعودية بأن منتخبها كان أفضل من البحرين وأن المنتخب السعودي خرج بالحظ.. على طريقة الإعلام المصري الذي وصف خروجه من تصفيات كأس العالم من الجزائر في موقعة السودان ضربة حظ؟.. الغريب أن الفرق والمنتخبات عندما تفوز بالترجيح أو بهدف الثانية الأخيرة لا تعترف بالحظ.. وعند الخسارة تقول خرجنا بالحظ.. على طريقة صديقي اللدود مدني رحيمي الذي يحمّل مسؤولية الإعلام الاتحادي أي مشكلة تحدث في النادي.. ولا أحد يشيد بالإعلام الاتحادي عندما ساهم في تحقيق الفريق الكروي لجميع بطولاته المحلية والعربية والقارية.
وصدق الشاعر أبو تمام عندما قال السيف أصدق أنباء من الكتب.. ولو أن أبا تمام محلل في الدوري لقال بأن النتيجة أصدق أنباءً من الكتب.