|


خالد قاضي
الوطنية ليست مجرد قطعة قماش
2010-10-16
لا أدري كيف يتعامل الكثير من العاملين في الوسط الرياضي من لاعبين ومعلقين ونقاد وجماهير مع (الوطنية).. لدرجة إنني تخيلت أن الوطنية مجرد معطف موجود داخل دولاب الملابس نرتديه متى ما شئنا.. ونخلعه متى ما أردنا.. أو أن هذه الوطنية مجرد قطعة قماش يمكن أن يفصل منها كل واحد منا على مقاسه وحسب طلبه وفي الوقت الذي يعجبه.
وأن هناك من تمادى في هذا الموضوع وكأن الوطنية حكراً عليه وأنه يملك الحق الكامل في أن يجرد منها من لا يعجبه أو من لا يروق لآرائه وانتقاداته.
حتى مدرب المنتخب الأول البرتغالي بيسيرو قدم للإعلاميين السعوديين محاضرة في حب الوطن والوطنية في المؤتمر الصحفي الذي عقده في جدة قبل السفر إلى تركيا؛ وقد كنت أحد الحاضرين لهذا المؤتمر؛ ومررت كلام بيسيرو حرصاً مني على عدم الدخول في مهاترات مع المدرب بيسيرو تقديراً مني للمؤتمر؛ ولو كنا في برنامج حواري لكان الكلام مختلفاً؛ وأعتقد أن بيسيرو الذي يطالب أبناء وإعلام الوطن بحب وطنهم من خلال المنتخب؛ لن يتردد هو نفسه لحظة في تقديم شكوى عاجلة إلى فيفا لو أن الاتحاد السعودي أخر صرف دولار واحد من مرتبه الشهري أو من حقوقه في حالة الاستغناء عنه في أي وقت.
ماذا يريد بيسيرو وهو يعلمنا حب الوطن؛ وهو يقول بأن هناك إعلاميين سعوديين يشجعون الأندية أكثر من المنتخب؛ وهذا كلام مردود ولايليق بمدرب المنتخب الأول.. ولن يكون مقبولاً حتى وإن صدر من مدرب وطني وليس أجنبي.
أقول إن كلام بيسيرو مردود.. طبعاً التعصب مرفوض ولسنا بحاجة لأن يعلمنا بيسيرو أن المنتخب أهم من الأندية؛ ولكن الأندية هي الأساس وهذا ما يؤكده في كل مناسبة الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل؛ بأن نجاح المنتخبات يبدأ من نجاح الأندية ومن هنا لم يبخلا في يوم من الأيام على دعم الأندية معنوياً ومادياً؛ ولعل آخرها تقديم الدعم المالي للهلال والشباب؛ وقبلهما الاتحاد في العام الماضي؛ وكذلك النصر في الخليجية؛ وقبلهم الأهلي في بطولة الأندية العربية التي حقق الأهلي بطولتها في جدة.. من خلال تأجيل المباريات وتوفير الأجواء المناسبة لكل فريق يمثل الوطن.. والجميع شهد زيارة الرئيس العام لمقر نادي الوحدة لإنهاء الخلافات الشرفية والإدارية بقرار الانتخابات من أجل استقرار النادي العريق.
وأزيد بأن كلام بيسيرو مردود على مستوى العالم وليس على مستوى السعودية.. فالمشجع العادي واللاعب والصحفي والإعلامي وعضو الشرف ورئيس النادي لاشك أن بدايته في حب الكرة وتشجيعها يكون عبر الأندية.. ولم نسمع في يوم من الأيام أن مشجعاً بدأ أو إعلامياً أو إدارياً جاء من كوكب المريخ أو زحل ليشجع المنتخب مباشرة.. والأمثلة كثيرة يابيسيرو؛ وأتمنى من لجنة الإعلام والمنسق الإعلامي للمنتخب الزميل محمد التويجري ترجمة هذا الموضوع للمدرب بيسيرو ومنها ما يحدث في أرقى الدول الأوروبية التي سبقتنا بسنوات طويلة؛ فالإعلام الإسباني الرياضي لاشك أن فيه من يشجع برشلونة وآخر يشجع ريال مدريد.. حتى بعد فوز الإسبان بكأس العالم الأخيرة تفاخر إعلاميو برشلونة وصحفيوه بأن نجوم فريقهم الذين شكلوا 90% من تشكيلة المدرب دل بوسكي هم من حقق كأس العالم، وأن الفضل لبرشلونة وليس للريال وهذا ما أكده دل بوسكي ولم نسمع من أقحم الوطنية الإسبانية في كرة القدم.
وفي إيطاليا هناك صحفيون كبار وبشكل علني يعلنون تشجيعهم لأندية معينة وهم معروفون عند الجماهير وكذلك في إنجلترا.. والأمثلة على هذا الشيء موجودة حتى بين أبرز المدربين؛ فمثلاً مدرب منتخب مصر حسن شحاتة الذي قاد الكرة المصرية للفوز ثلاث مرات متتالية بكأس إفريقيا وهو إنجاز غير مسبوق وأعتقد أنه غير ملحوق؛ لم تمنعه زملكاويته من أن يقول بأن نجوم الأهلي المصري هم من ساعدوه في تحقيق الإنجازات.. وها هو المدرب السوداني مازدا المريخابي الصريح لاعباً ومدرباً يؤكد أن نجوم الهلال التسعة الأساسيين في المنتخب السوداني هم أساس المنتخب.. إن على بيسيرو أن يعرف أن تشجيع الأندية هو الأساس وهو نفسه بيسيرو لولا الهلال لما عرفه المنتخب السعودي.. وهل بيسيرو من اكتشف نايف هزازي أو ياسر القحطاني أو وليد عبدالله أو مبروك زايد؟ أو هو من اكتشف أسامة هوساوي أو مالك معاذ أو المنتشري؟ أم الأندية من قدم هؤلاء النجوم للمنتخبات.. إن بداية النجومية في أي بلد في العالم تبدأ من الأندية؛ ولم نسمع في يوم ما أن لاعباً بدأ النجومية من المنتخب وبعد ذلك انتقل إلى أحد الأندية.