|


د. علي عبدالله الجفري
إذا أردنا التصحيح (3ـ3)
2009-10-26
المحور الثاني الذي يجب أن يرتكز عليه التأسيس لرياضة وطنية عصرية، والذي سوف أتكلم عنه اليوم هو الرياضة الجامعية، ومن المؤكد أنني لا أقصد برامج النشاط الرياضي التي تُنظمها وتُنفذها عمادات شؤون الطلاب في الجامعات كجزء من برنامج النشاط العام الموجه لجميع طلاب الجامعة، بجانب أوجه النشاط الأخرى مثل النشاط الثقافي والعلمي والأدبي والاجتماعي والفني والمسرحي.
يتواجد يومياً مئتان وخمسة وعشرون ألف طالب في تسع عشرة جامعة في مختلف مدن الوطن (الموقع الإلكتروني لوزارة التعليم العالي) لمدة تتراوح بين الثلاث إلى الخمس ساعات، ومع ذلك لم تستطع أيٍ من هذه الجامعات أن تصنع بطلاً واحداً في أي رياضة من الرياضات، مع وجود أفضل وأرقى المنشآت الرياضية في أغلب تلك الجامعات.. أي نوع من الهدر هذا الذي نُمارس تجاه رياضة الوطن بعدم الاستفادة مما يقرب من ربع مليون شاب تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشرة والثانية والعشرين، يأتون طواعيةً إلينا خمسة أيام أسبوعياً لمدة تسعة أشهر في السنة، بينما نحاول استقطاب مجموعة منهم في الأندية ومراكز الاتحادات الرياضية ببعض المحفزات، ليس منها القبول في الجامعة.. أبعدنا الرياضة التنافسية عن المدرسة وعن الجامعة فوضعنا طلابنا أمام خيارين إما التعليم أو الرياضة.. الجامعات في العالم الغربي وبالذات في الولايات المتحدة الأمريكية هي معاهد ومناجم لصناعة الرياضيين وتجهيزهم لمرحلة الاحتراف.
نحتاج رياضة جامعية نموذجية بإدارة وتنظيم مستقل تستطيع تجنيد اللاعبين الطلاب من المدارس الثانوية قبل تخرجهم، وتوفر لهم البيئة التعليمية والرياضية المناسبة.. تطبيق هيكلة جديدة للرياضة الجامعية سوف يفرز لنا مزيدا من المدربين الوطنيين والحكام والإداريين في المجال بكفاءة عالية بعد تدرجهم في مجال العمل من الرياضة المدرسية ثم الجامعية، ومن ثم تجهزهم للعمل مع رياضة المحترفين.
رياضة المحترفين هي المحور الأخير من المحاور الثلاثة التي أرى والله أعلم أنها الأساس الذي يجب أن تتأسس عليه منظومتنا الرياضية الوطنية إذا أردنا التصحيح.. قد نكون الدولة الوحيدة في المجال الرياضي التي تُطبق الاحتراف بطريقة جزئية مبتورة، وهذا ما يجعلنا غير قادرين على تطبيقه بالمهنية الصحيحة، ويحد من قدرتنا على نشر ثقافته في الأوساط المعنية.. لتطبيق احتراف حقيقي في رياضة الوطن، نحتاج إلى احتراف وطني للمسئول الإداري وللمدرب قبل اللاعب، ونحتاج مرجعية احترافية تنظم انتقال الرياضيين من الرياضة الجامعية إلى رياضة المحترفين، وتراعي مستويات الفرق وموارد الأندية المالية.
إذا أردنا التصحيح فلنبدأ اليوم، فالظروف والنفوس متهيئة لبدء منظومة رياضية وطنية واضحة تنطلق من المدارس وتمر بالجامعات وتنتهي بالاحتراف، تضاعف من خلالها أعداد منشآتنا الرياضية وحكامنا، ومدربينا وإداريينا، وقبل كل ذلك تضاعف من أعداد رياضيينا.