|


د. محمد باجنيد
إنت مع مين؟!
2010-07-09
صاحبي يصلي الفجر والعشاء في المسجد ولا أظنه يترك البقية.. وهو مدمن (جرائد).. يتصفحها بنهم! وأكثر ما يحرص على قراءته المقالات.. يقول (بلغة يخلط فيها العامية بالفصيح): أنا ماني فاهم إيش الحكاية.. العالم (شغالة) أحكام على الناس.. هذا (ليبرالي).. وذاك (علماني).. ثم التفت إلي وقال: تبدو (صحوياً).. ثم راح يسأل - ساخراً - إنت مع مين؟!..
قلت: مع المسلمين!..
قال: كلنا - يا شيخ - مسلمون..
قلت: لقد قلت الحق يا رجل.. إنها دائرة تسعنا جميعاً ولا يحق أن نخرج منها أحداً إلا إذا ارتكب ما يوجب الخروج من الدين!
قال: وما هي موجبات كفر المسلم؟!
قلت: لن أجيبك من رأسي.. خوفاً من أن يسقط في النار.. سأبحث عن الإجابة في أقوال العلماء الثقات، وسأعود لأخبرك.
تركت صاحبي وذهبت أبحث فوجدت حاجتي عند فضلية الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في إجابته لسؤال عن شروط الحكم بتكفير المسلم؟ وحكم من عمل شيئاً مكفراً مازحاً؟
قال حفظه الله: للحكم بتكفير المسلم شرطان: أحدهما: أن يقوم الدليل على أن هذا الشيء مما يكفر.
الثاني : انطباق الحكم على من فعل ذلك بحيث يكون عالماً بذلك قاصداً له، فإن كان جاهلاً لم يكفر، لقوله تعالى: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً" وقوله: "وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون" وقوله: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" لكن إن فرط بترك التعلم والتبين، لم يعذر، مثل أن يبلغه أن عمله هذا كفر فلا يتثبت، ولا يبحث فإنه لا يكون معذوراً حينئذ. وإن كان غير قاصد لعمل ما يكفر لم يكفر بذلك، مثل أن يكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ومثل أن ينغلق فكره فلا يدري ما يقول لشدة فرح ونحوه، كقول صاحب البعير الذي أضلها، ثم اضطجع تحت شجرة ينتظر الموت فإذا بخطامها متعلقاً بالشجرة فأخذه، وقال: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" أخطأ من شدة الفرح. لكن من عمل شيئاً مكفراً مازحاً فإنه يكفر لأنه قصد ذلك، كما نص عليه أهل العلم. انتهى كلام الشيخ (يرحمه الله).. وبقي علينا أن نتحرى قبل أن نطلق الأحكام.. ولا تأخذنا شهوة الكلام الرنان.. ونتورع قبل أن ندان ولا أدري أين صاحبي اليوم.. ربما قرأني هنا.. وربما لم يفعل.. ليس مهماً، فلا أظنه تائهاً وهو يصلي الفجر والعشاء في جماعة.