|


د. محمد باجنيد
جابوا العيد
2010-09-11
ظل الكثيرون يسألون بعد صلاة مغرب يوم الأربعاء الماضي.
يسألون وأظنهم يقصدون بواو الجماعة أولئك الذين يبحثون عن (الهلال) ليشهدوا برؤيته وحلول العيد.
أما صاحبكم فقد راح يردد مؤكداً لا مستفسراً – قبلها بليلة.. أي ليلة ختم القرآن في المسجد الحرام بمكة المكرمة - بأن القائمين على خدمات نقل المعتمرين والزائرين لبيت الله الحرام من مراكز النقل التي حددت قد (جابوا العيد) في البشر.
من مواقف كدي انطلقت بنا حافلة شركة النقل الجماعي (سابتكو). بـ(ريالين) فقط تنقلك الحافلة وبمثلها تعيدك عبر نفق ربما يبلغ طوله 2 كيلو متر، تقطعه الحافلة في دقيقتين لتصل الحرم بكل سهولة ويسر، فلا سيارات تزاحم الحافلات ولا دبابات.. هكذا بدا لي الحال في رحلة الذهاب.
سررت بالخدمة وكذلك كان حال مرافقي وقد كنا اثنين من الرجال وسبعة نساء، شهدنا ختم القرآن وعدنا إلى نفس المكان الذي أنزلتنا فيه الحافلة.. وعند المدخل المكون من أعمدة حديدية وشراع أخذ المحصل تذاكر العودة وعبرنا الممر إلى حيث وقوف الحافلات، فلم نجد سوى واحدة قد امتلأت بالركاب والناس يتدافعون نحوها على أمل أن يجدوا فيها مكاناً.. فيما آلاف ينتظرون مفترشين الأرصفة في ذلك الطقسٍ الحار.. سألت شاباً كان ينتظر مع مجموعة من النساء: أين الحافلات؟!.. قال: أعدادها قليلة وإذا جاءت تكون قد امتلأت قبل أن تصل إلى هنا!
قلت: وما العمل؟
قال: عليك أن تنتظر حتى يفرجها الله.
قلت: ونعم بالله، وانتظرنا قليلاً.. ولكن الوقت كان قد تأخر فقررنا أن نعود مشياً على الأقدام.. وانطلقنا فوق الرصيف ولا وجود للباصات.. الدبابات وحدها كان تنطلق داخل النفق تنقل الرجال والنساء وتثير الأتربة فيرتفع الغبار فنستنشقه مرغمين طوال الرحلة.. وبعد أن قطعنا نصف المسافة تقريباً بدأت الحافلات تنطلق وتطلق عوادمها بكثافة إلى أفواهنا وأنفونا، والأتربة تتطاير.. والناس صابرون يرجون الأجر من الله ويدعون على كل من تسبب في معاناتهم.
مشهد للتخلف في نفق يمتلئ بمخلفات لمواد بناء وأتربة.. كنت أظنها بداية مرتجلة لتسهيل نقل الناس، قبل أن أعلم بأن النفق يفتح لهذا الغرض منذ ما يزيد على العشر سنوات.
إنني لا أوجه اتهاماً بالتقصير لـ(سابتكو) وحدها وإنما أضم إليها بشكل (رئيس) كل الأجهزة المعنية بتقديم خدمات النقل للمعتمرين والزائرين والمسؤولين عن الطرق والأنفاق.
إن هذه الخدمات يمكن أن تقدم بصورة مبهجة تدفعنا إلى الأمام في سلم الرقي والحضارة بدلاً من أن (نوصم) في كل عام بالتخلف.. نعم لقد (جابوا العيد).
كل عام وانتم بخير