|


د. محمد باجنيد
وظيفة سهلة
2010-09-17
نهض من فراشه منزعجاً بعد أن (راحت عليه نومة).. فما الذي راح يا ترى على (عبد المعطي)؟
الوقت يا سادة عند عبد المعطي له قيمة مالية لا يعرف قدرها سوى زملائه في المهنة.. خاصة أولئك الذين يشاركونه الموقع وينافسونه في طلب الناس!.. ضرب على رأسه وراح يلوم نفسه كثيراً.. قال يؤنبها: سيأخذ ذلك الرجل الأعرج الأسمر صاحب الملف الطبي الذي لا يفارقه، وتلك المرأة العجوز وذلك الصبي الذي يجرها .. سيأخذ هؤلاء المخادعين حصتي اليومية من الموقع.. يحسدهم عبد المعطي على تلك الأموال التي يجنونها بلا وجه حق.. ويرى أنه الأحق بها فهم (لا يتمتعون مثله بإعاقات) تؤهلهم للعمل في مجال (التسول)!.. إنه الوحيد فيهم من يتمتع بقدمين مفرودتين.. وهو الذي يستطيع أن يقنع الناس بأنهما تعوقانه في السير لدرجة أنهما تجبرانه على أن يحني ركبتيه ويقوس ظهره ويميل برأسه.. ليظهر أخيراً في كامل عجزه.. مسكين عبد المعطي.. هكذا يظن أكثر الناس الذين يمرون من ذلك الشارع.. ويظلون يمنحونه من جيوبهم دون أن يتنبهوا إلى سرعة حركته في التنقل من سيارة الى أخرى بخفة تذكرك بذلك القول الشائع في مجال العمل (الشريف) (العمل عايز له الخفية)!.. وعبد المعطي - يا سادة – يرى أن عمله شريف فهو لا يسرق الناس ولم يضربهم على أيديهم ليعطوه.. وهو في نظره لا يختلف عمن يستدرون عطف الناس عليهم ببيع تلك الأشياء الصغيرة التي لا يحتاجها الناس كثيراً كالعلك والمناديل الصغيرة.. يتسولون بها لأن بيعها لن يمنحهم سوى قليلاُ من الريالات!.. صدق عبد المعطي فالتسول هي الوظيفة الأسهل في بلادنا .. لذلك يزداد عدد ممتهنيها بشكل مطرد فلا يكاد يخلو شارع منهم.. يترصدون الناس في كل مكان.. يطلبونهم بإلحاح.. يحاصرونهم في زاوية الحياء.. بلا حياء.. بل بكل مكر ودهاء!