|


د. محمد باجنيد
ظاهرة (بورية)!
2010-10-01
يقولون عن العرب أنهم (ظاهره صوتية) بمعنى أنهم يرفعون أصواتهم بالكلام، وإذا جاء وقت العمل رأيتهم نياما!..ولا أعتقد أن هذا الاتهام يشمل كل العرب عبر كل الأزمنة.. ولعله يخص المتأخرين.. أما المتقدمون فهم منه براء.. عودوا إلى التاريخ وتبينوا قبل أن تصيبوا قومكم بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.. أما أنا فلن أندم على ما سأقوله هنا.. لأنني شاهد على هذا العصر ـ بل إنني وبكل صراحة ووقاحة وشفافية ـ قد ساهمت مع القوم في تأكيد أننا (ظاهره صوتية).. يحدث هذا في تظاهرة يومية أمارسها كلما جلست خلف مقود السيارة وانطلقت في الزحام!.. ففي كل مرة لن يمر وقت طويل قبل أن أسجل أول مشاركة لي بـ(بوري) طويل أطلقه على صاحب سيارة مالت أمامي ودخلت المسار دون سابق (إشارة)!.. ثم أحمد الله أن سيارتي لم تصب بأذى وأواصل سيري، ولن أمهل طويلا قبل أن تخرج علي سيارة أخرى كانت تقف على جانب الشارع الأيمن لأجد نفسي وبردة فعل سريعة أطلق (بوري) آخر لتنبه هذا العائد إلى الخلف مندفعا!.. ولابد لي أن أبقى (على طول) متأهبا واضعا يدي على (البوري) مساهما دونما رغبة في هذه الظاهرة الصوتية (البورية)!.
يوم كنت في بريطانيا ربما مر أسبوع دون أن أستخدم (البوري).. إنه يستخدم هناك عند حدوث خطأ من قائد أي سيارة.. إنه وسيلة استنكار، بل و(شتم).. وهو في الأساس عندنا وسيلة تنبيه.. ولا يستحسن أن يكون أسلوبا للشتم وإلا لحطمنا الرقم القياسي في عدد الشتائم ودخلنا بها موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية دون الحاجة إلى إضافتها إلى ذلكم الرقم المهول من الشتائم اللفظية التي نجود بها تذمرا من أحوال بائسة صبغت حياتنا وأضحت واقعا لا بد أن نألفه!.
في الفحص الدوري يشترطون سلامة المنبه (البوري).. ولكنهم لا يفحصون (أحزمة الأمان).. إنهم واقعيون من منا يستطيع السير بدون (بوري)؟!.. ولكنهم (متواطئون) وهم لا يعيرون اهتماما بتوسلات منبه حزام الأمان!.. إننا نطالب بالحكم الأجنبي..ليس لأنه (يفهم أكثر منا) بل لأننا (بياعين كلام)..سلام!.